في ربوع مدينة الرباط، وفي قلب نبضها الثقافي، احتضن المعرض الدولي للنشر والكتاب في دورته الثلاثين حدثاً استثنائياً، حيث تجلّت الكلمة، واحتفت الأرواح بالقراءة كفعل مقاومة وحرية وسموّ.
فوسط أمواج من الشغف، تم تتويج الفائزين بجائزة القراءة الوطنية في نسختها الحادية عشرة، بحضور أكثر من 5600 قارئ وقارئة جاؤوا من مختلف أرجاء المملكة، يحملون بين أيديهم شغف الحرف وحلم الغد الأفضل. لقد كان مشهداً يليق بعظمة الكلمة حين تنبض في القلوب، وحين تصبح القراءة جسرًا بين الفكر والحرية.
في افتتاح الحفل، عبّرت رئيسة شبكة القراءة بالمغرب، رشيدة روقي، بكلمات تقطر فخراً وحباً: “شبابنا لا يتوقفون عن إدهاشنا بما يبذلونه من وقت وجهد، وبما يحملونه من وعي رسالي لخدمة الكلمة والمعرفة”.
ولم يكن حضور القضايا العادلة غائباً عن هذا العرس الثقافي؛ إذ احتلّت القضية الفلسطينية مكانة خاصة في وجدان المشاركين. فقد اختار العديد منهم قراءة مؤلفات فلسطينية، مُعبّرين عن انحيازهم الفطري لقيم الحرية والكرامة، ومجسّدين أن المثقف الحق لا يقف صامتاً أمام المظالم.
وفي أجواء يعلوها عبق الشعر وحلاوة التعبير، احتُفل أيضاً بتكريم الشباب الفائزين بجائزة الشعر ضمن فعاليات المعرض. وقد نوّه الكاتب عبد المجيد سباطة، ممثل لجنة التحكيم، بالمستوى الرفيع للمشاركات، مؤكداً أن “القراءة هي أم الفنون جميعاً”، مشيداً بتنوع اللغات والأنماط الأدبية التي اطلع عليها المتسابقون.
ولم تقتصر الاحتفالية على الأفراد فحسب، بل امتد التكريم إلى نوادي القراءة التي ازدهرت في المدارس والقرى والمراكز الاجتماعية، حيث تم تتويج أفضل الأندية، تثميناً لدورها كمحرّك حقيقي لبناء الوعي الفردي والجماعي.
وكانت لحظة إعلان أسماء الفائزين بمثابة قصائد تُلقى في محراب الكلمة:
-
في فئة التعليم الابتدائي، أزهرت براعم الأمل مع تتويج:
-
ياسر علاوي من مدرسة “الكندي” بالرشيدية،
-
فردوس جعفر من مدرسة “تالحيانت” بخنيفرة،
-
طارق أشرف من مدرسة “مهدي بن تومرت” بتازة،
-
وآية حمدون من مدرسة “الإرشاد” بطنجة.
-
-
وفي فئة التعليم الإعدادي، تألقت الأصوات الناشئة مع:
-
محمد بنشاود من إعدادية “تگنة” بكلميم،
-
وفردوس رامي من إعدادية “صلاح الدين الأيوبي” بالمحمدية.
-
-
أما في فئة التعليم الثانوي التأهيلي، فقد أضاءت سماء المعرفة كل من:
-
ريم الشامتي الهواري من ثانوية “مولاي إدريس” بفاس،
-
وهند دريسي من ثانوية “الشريف الإدريسي” ببنسليمان.
-
-
وفي فئة التعليم العالي، كان المجد حليفاً لـ:
-
فردوس بن يعقوب من جامعة محمد السادس متعددة التخصصات بالرباط،
-
وعمران لوكيليا من مركز الأقسام التحضيرية بثانوية محمد السادس للتميز بابن جرير.
-
ولم يغفل الحفل تكريم المؤسسات التي صنعت جيلاً يقرأ بفخر:
-
نادي “الواحة” بمعهد واحة العلم بسلا-تمارة (تأطير: فوزية أنجار)،
-
نادي القراءة والإبداع بمدرسة المختار السوسي بالعيون (تأطير: فاطمة لعفو)،
-
نادي القراءة بإعدادية إبراهيم الروداني بمديونة (تأطير: أيوب تاسي)،
-
نادي القراءة بثانوية تاوجطات الجديدة بالحاجب (تأطير: فؤاد زريوح)،
-
نادي القراءة بثانوية مولاي إدريس بفاس (تأطير: عبد الرحيم أعزم)،
-
نادي “التميز” بدار الطالبة رائدات بالقنيطرة (تأطير: سميرة آيت بلا).
وقد عبّر القائمون على شبكة القراءة عن بالغ امتنانهم لشركائهم، خاصة وزارة الشباب والثقافة والتواصل، وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، ومؤسسة “كلمات” الإماراتية التي أغنت هذا العرس الثقافي بهباتها السخية من الكتب.
هكذا، لم يكن هذا اللقاء مجرد احتفال عابر، بل كان وعداً بأن بناء الإنسان يبدأ بالكلمة، وأن طريق النهوض بالأوطان يمر عبر بوابة المعرفة… ولعل أعذب ما يُختم به الحفل كان قول رشيدة روقي:
“القراءة ليست هواية، بل قدرُ الشعوب الطامحة إلى الغد.”