أوقفت السلطات الأمنية المغربية، يوم الاثنين، الناشط الجزائري رشيد نكاز في ساحة جامع الفنا بمدينة مراكش، وذلك على خلفية نشره لمقطع فيديو مضلل تم تصويره أمام مسجد الكتبية، حيث ادّعى فيه كذبًا أن هذا المعلم التاريخي المغربي يعود للجزائر.
وقد أثارت هذه المزاعم غضبًا واسعًا في الأوساط المغربية، حيث اعتُبرت محاولة مكشوفة لتزييف التاريخ وطمس الهوية الثقافية للمملكة. وبحسب مصادر موثوقة، فإن نكاز يواجه تهمًا تتعلق بتحريف الحقائق التاريخية ونشر معلومات كاذبة تهدد التراث الثقافي المغربي.
وتأتي هذه الخطوة في إطار الجهود المتواصلة التي تبذلها السلطات المغربية لمكافحة حملات التضليل الإعلامي التي تستهدف تشويه الهوية الثقافية والتاريخية للبلاد. ويُذكر أن مسجد الكتبية، الذي شُيّد في القرن الثاني عشر، يُعدّ أحد أبرز المعالم التاريخية في المغرب، ويجسد حضارة وثقافة إسلامية عريقة تفتخر بها المملكة، كما أنه مدرج ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو.
ردود فعل غاضبة ودفاع عن الهوية المغربية
أثار الفيديو الذي نشره نكاز استنكارًا شعبيًا واسعًا، حيث عبر العديد من المغاربة عن رفضهم القاطع لمثل هذه الادعاءات، مؤكدين تشبثهم بهويتهم الوطنية وتراثهم التاريخي، ورفضهم لأي محاولة لتزييف الوقائع أو التلاعب بالموروث الثقافي المغربي.
جدير بالذكر أن أنشطة نكاز المثيرة للجدل في المغرب كانت محل متابعة من السلطات قبل حادثة الكتبية، خصوصًا وأنه معروف بإثارة القضايا الشائكة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مما جعله شخصية مستفزة للرأي العام.
مسيرة نكاز: بين النضال السياسي والإثارة الإعلامية
رشيد نكاز ليس غريبًا عن الأضواء، فقد صنع لنفسه اسمًا كناشط سياسي مثير للجدل في كل من فرنسا والجزائر. في فرنسا، برز خلال سنوات الألفين بسبب معارضته للقوانين التي تحظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة، حيث قام بدفع غرامات النساء المخالفات للقانون، وهو ما اعتُبر تحديًا صريحًا للسلطات الفرنسية وسياستها المتعلقة بالعلمانية.
أما في الجزائر، فقد حاول نكاز الترشح للانتخابات الرئاسية في عدة مناسبات، كان أبرزها سنة 2019، غير أن القانون الجزائري الذي يمنع حاملي الجنسيات المزدوجة من الترشح، حال دون ذلك. وكرد فعل، لجأ إلى حيلة سياسية مثيرة، حيث دفع بشخص يحمل نفس اسمه ليكون “مرشحًا بديلاً”، في خطوة وصفها البعض بأنها محاولة للتحايل على النظام الانتخابي.
في العام نفسه، ومع تصاعد الحراك الشعبي في الجزائر، تم اعتقال نكاز من قبل السلطات بتهم تتعلق بـ التحريض على العنف والإضرار بالوحدة الوطنية، مما زاد من الجدل حول شخصيته، بين من اعتبره رمزًا للنضال الديمقراطي، ومن رأى فيه شخصية انتهازية تبحث عن الأضواء. وبعد أكثر من عام في السجن، أُطلق سراحه سنة 2021.
هل ينهي اعتقاله في المغرب مغامراته المثيرة؟
يطرح اعتقال رشيد نكاز في مراكش عدة تساؤلات حول مسيرته المليئة بالإثارة والمواقف الجدلية، وهل سيواصل محاولاته للتلاعب بالرأي العام وإثارة الجدل أم أن هذه الواقعة ستكون نقطة تحول في مشواره الحافل بالتحديات؟ الأيام القادمة وحدها كفيلة بالكشف عن مصير هذه القضية، فيما يبقى موقف المغرب واضحًا في التصدي لكل من يحاول تشويه تاريخه وهويته الثقافية.