في زمن تتسارع فيه الابتكارات التكنولوجية، وتدخل فيه الذكاء الاصطناعي تفاصيل الحياة اليومية، لم يتأخر المغرب في إدراك حجم التهديدات التي ترافق هذا التحول الرقمي. ففي مواجهة التصاعد الخطير للجرائم الإلكترونية، أعلن وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، أن المملكة بصدد تعزيز بنيتها التشريعية لحماية خصوصية المواطنين وتأمين فضائهم الرقمي.
ويأتي هذا التوجه في وقت تشهد فيه البلاد طفرة هائلة في استخدام الإنترنت وتزايد المعاملات عن بُعد، ما يفتح الباب أمام استغلالات غير مشروعة عبر الفضاء السيبراني. وهبي أوضح، في رده على سؤال برلماني، أن المغرب بدأ منذ سنة 2003 في سد الفراغات القانونية المتعلقة بالجريمة الإلكترونية، من خلال تعديل القانون الجنائي، وتجريم المساس بأنظمة المعالجة الإلكترونية للمعطيات.
وقد شملت هذه الإصلاحات إدماج مقتضيات جديدة في قوانين مثل القانون العسكري وقانون الصحافة والنشر، لضبط الجرائم التي تُرتكب عبر الوسائط الرقمية، بما في ذلك نشر الأخبار الزائفة، وانتهاك الحياة الخاصة، والتحرش الإلكتروني، والتمييز العنصري.
دوليًا، عزز المغرب موقفه من خلال توقيع اتفاقيات مرجعية، على رأسها اتفاقية بودابست لمكافحة الجريمة الإلكترونية، وبروتوكولاتها الإضافية، التي تجرم خطابات الكراهية والعنصرية عبر الإنترنت. كما شارك في إعداد مشروع اتفاقية أممية لمكافحة الاستعمال الإجرامي للتكنولوجيا، تُعرض قريبًا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وفي ظل تنامي التهديدات العابرة للحدود، يؤكد المغرب عبر هذه الخطوات عزمه على بناء منظومة تشريعية حديثة ومتناسقة مع المعايير الدولية، توازن بين حماية الحقوق والحريات ومكافحة الاستخدام الإجرامي للتكنولوجيا الحديثة.