بمناسبة عيد الفطر المبارك، أصدر الملك محمد السادس عفوه السامي عن 1533 شخصًا صدرت في حقهم أحكام قضائية في مختلف محاكم المملكة، منهم من يقضي عقوبة حبسية، ومنهم من هو في حالة سراح. وكما جرت العادة، تأتي هذه المبادرة الملكية في إطار ما يميز المناسبات الدينية الكبرى من تسامح ورحمة. إلا أن عفو هذا العام حمل مفاجأة لافتة: إدراج اسم عبد القادر بليرج ضمن المستفيدين من العفو.
عبد القادر بليرج.. اسم يثير الجدل
بليرج، وهو مغربي-بلجيكي، كان قد حُكم عليه بالسجن المؤبد سنة 2009 بعد اعتقاله سنة 2008، في واحدة من أكبر القضايا الأمنية في تاريخ المغرب المعاصر، عُرفت حينها إعلاميًا بـ”خلية بليرج”، وشملت 35 شخصًا وُجهت إليهم تهم تشكيل منظمة إرهابية، وتبييض الأموال، والاتجار في الأسلحة، والتخطيط لأعمال تخريبية في المغرب وأوروبا.
القضية كانت ذات طابع سياسي وقضائي معقّد، وأثارت حينها انتقادات واسعة من منظمات حقوق الإنسان، أبرزها هيومن رايتس ووتش، التي شكّكت في ظروف المحاكمة، وأشارت إلى احتمال تعرض المتهمين للتعذيب وانتزاع الاعترافات بالإكراه.
عفو ملكي في سياق المصالحة؟
رغم أن بعض أعضاء الخلية قد استفادوا من العفو الملكي في سنوات سابقة (منهم اثنان في 2020)، إلا أن بليرج بقي في السجن إلى حدود اليوم، يقضي حكمًا خُفّض لاحقًا إلى 25 عامًا. ويمثل بالنسبة للبعض رمزًا لتجاوزات محتملة في قضايا الإرهاب، وبالنسبة لآخرين عنصرًا خطيرًا يهدد الأمن القومي.
قرار العفو عنه اليوم يُثير تساؤلات حول أبعاده السياسية والرمزية. هل يُمثّل خطوة نحو المصالحة الوطنية؟ أم أنه يعكس تحولًا في المقاربة الرسمية لملف مكافحة الإرهاب؟ وبين هذا وذاك، تبقى الخطوة الملكية مثقلة بالدلالات، في وقت تسعى فيه الدولة إلى تحقيق توازن بين العدالة والأمن وحقوق الإنسان.