تشهد العاصمة الليبية طرابلس منذ يومين تصعيداً خطيراً في الأوضاع الأمنية، مع اندلاع اشتباكات مسلحة عنيفة بين قوات تابعة لحكومة الوحدة الوطنية وعناصر من جهاز الردع لمكافحة الجريمة والإرهاب، مما أدى إلى حالة من الفوضى الأمنية ونتج عنها فرار عدد من السجناء الخطرين وتعطل الملاحة الجوية في أحد مطارات العاصمة.
وأفاد مصادر بأن أصوات إطلاق النار والانفجارات استمرت بشكل متواصل منذ منتصف ليل الثلاثاء، وسط انتشار مكثف لقوات جهاز الردع في عدة مناطق حيوية من العاصمة، من بينها منطقة سوق الجمعة والمناطق المحيطة بمطار معيتيقة الدولي، مما أثار حالة من الهلع والخوف بين المواطنين.
ونتيجة لهذه التوترات الأمنية المتصاعدة، اضطرت سلطات الطيران المدني إلى اتخاذ إجراء احترازي بتحويل مسار الرحلات الجوية من مطار معيتيقة الدولي إلى مطار مصراتة، وفق ما أظهرته منصات متخصصة في تتبع حركة الطيران، في خطوة تعكس خطورة الوضع الأمني المتدهور في محيط المطار.
وفي ظل هذه التطورات المتسارعة، أعلنت جمعية الهلال الأحمر الليبي فرع طرابلس رفع حالة التأهب القصوى لدى كوادرها، ووجهت نداءً عاجلاً للمواطنين يدعوهم إلى توخي أقصى درجات الحذر والالتزام بالتعليمات الصادرة عن الجهات الرسمية، حفاظاً على سلامتهم في ظل الاشتباكات المستمرة.
وأضاف بيان الهلال الأحمر أن فرق الطوارئ تعمل على مدار الساعة للاستجابة لأي حالات إنسانية طارئة قد تنجم عن استمرار المواجهات المسلحة، مع التأكيد على ضرورة تأمين ممرات آمنة للفرق الطبية والإسعافية للوصول إلى المناطق المتضررة.
وشكلت حادثة فرار عدد من السجناء من سجن الجديدة الواقع في منطقة الاشتباكات تطوراً مقلقاً في الأزمة، حيث أعلن جهاز الشرطة القضائية في بيان رسمي أن الاشتباكات المسلحة التي اندلعت بالقرب من السجن أدت إلى حالة من الفوضى والهلع داخل المنشأة العقابية، مما مكّن عدداً من السجناء، معظمهم من أصحاب الأحكام المشددة، من الفرار.
🎥 سجناء فارين من الجديدة بسبب الاشتباكات المندلعة بعد قرارات الدبيبة يدخلون منطقة 11 يونيو و الشرطة القضائية تؤكد بأن غالبيتهم من ذوي الأحكام الثقيلة والقضايا الجنائية الخطيرة وتحذر من كارثة أمنية على طرابلس وليبيا كافة . pic.twitter.com/lxnxxyPcQH
— صحيفة المرصد الليبية (@ObservatoryLY) May 14, 2025
ولم يكشف البيان عن العدد الدقيق للسجناء الفارين أو طبيعة القضايا المتورطين فيها، لكنه أشار إلى أن الأجهزة الأمنية باشرت عمليات بحث وتمشيط واسعة في محاولة لإعادة القبض عليهم، مع التحذير من خطورة بعضهم على السلم المجتمعي.
وعلى الصعيد الدولي، أعربت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عن “قلقها العميق” إزاء تصاعد أعمال العنف في الأحياء السكنية المكتظة بالسكان في العاصمة الليبية، مشددة في بيان نشرته على موقعها الرسمي على ضرورة الوقف الفوري وغير المشروط لإطلاق النار.
وأوضحت البعثة الأممية أن استمرار القتال يعرض حياة المدنيين للخطر ويهدد الاستقرار الهش الذي تشهده العاصمة، مؤكدة استعدادها لتقديم مساعي وساطة لتهدئة الأوضاع ودعم جهود الحوار بين الأطراف المتنازعة.
كما ناشدت البعثة جميع الأطراف بضرورة تغليب لغة العقل وتحكيم المصلحة الوطنية العليا، والعمل على تجنيب المدنيين تداعيات الصراع المسلح، مع التأكيد على أهمية الالتزام بقواعد القانون الدولي الإنساني أثناء النزاعات.
ويأتي هذا التصعيد الأمني في ظل الانقسامات السياسية والعسكرية التي تشهدها ليبيا منذ سنوات، والتي أدت إلى ترسيخ واقع تعدد مراكز السلطة في البلاد، مما يعقد المشهد السياسي والأمني ويؤثر سلباً على حياة المواطنين ويعيق جهود تحقيق الاستقرار المنشود.