تشهد حديقة الحيوانات الوطنية بالرباط نجاحاً مميزاً في برامج الحفاظ على الأنواع النادرة، حيث سجلت مؤخراً مولداً جديداً لشبل من أسود الأطلس المهددة بالزوال. هذا الإنجاز يأتي نتيجة العناية الاستثنائية التي يقدمها الفريق البيطري المتخصص، خاصة بعد أن واجه الشبل تحدياً في بداية حياته عندما رفضت والدته إرضاعه طبيعياً.
تمكن الطاقم الطبي من التدخل في الوقت المناسب لإنقاذ الشبل الصغير، مما يعكس مستوى الخبرة والاحترافية العالية التي تتمتع بها الحديقة في التعامل مع الحالات الحرجة. هذا النجاح يضيف أملاً جديداً لاستمرارية هذا النوع النادر من الأسود التي تحمل تاريخاً عريقاً في شمال أفريقيا.
لا يقتصر النجاح على أسود الأطلس فحسب، بل يمتد ليشمل ولادة جديدة للذئب الإفريقي المعروف باسم “الليكاون”، وهو من أكثر الحيوانات المفترسة عرضة للخطر على مستوى القارة الأفريقية. هذا النوع من الذئاب يتميز بسلوكه الاجتماعي المعقد وأسلوب صيده الجماعي المنظم.
شهدت الحديقة أيضاً ولادة مميزة لصغير من المها أبو عدس، المعروف علمياً باسم “الأداكس”، وهو نوع من الظباء الصحراوية المصنف ضمن الأنواع المعرضة للخطر الشديد. هذا الحيوان الرشيق يتأقلم بشكل مذهل مع البيئة الصحراوية القاسية ويعتبر رمزاً للتكيف الطبيعي مع الظروف المناخية الصعبة.
تواصلت النجاحات لتشمل ولادات جديدة من الكبش البربري وغزال دوركاس، وكلاهما يخضع لبرامج وطنية متخصصة للمحافظة عليهما من الاختفاء. هذان النوعان يمثلان جزءاً مهماً من التراث الطبيعي للمنطقة المغربية والشمال الأفريقي.
تنوعت الولادات الحديثة لتشمل أنواعاً أخرى نادرة مثل ظبي ليتشوي والبابون دوغويرا، إضافة إلى السيرفال والأيل البربري. هذا التنوع يعكس نجاح الاستراتيجية الشاملة التي تتبعها الحديقة في رعاية مختلف الأنواع الحيوانية بغض النظر عن احتياجاتها الخاصة.
شملت النجاحات الأخيرة أيضاً الطيور النادرة، حيث سجلت الحديقة ولادات للزُّرَقاء الشائعة وأبو منجل الأصلع والنسر الأسمر. هذه الطيور تلعب دوراً مهماً في التوازن البيئي وتمثل مؤشراً على صحة النظام البيئي العام.
تضم حديقة الحيوانات بالرباط حالياً أكثر من 2000 حيوان يمثلون حوالي 170 نوعاً مختلفاً. هذا التنوع الكبير يجعلها واحدة من أهم المراكز البيئية في المنطقة ونموذجاً يُحتذى به في مجال الحفاظ على التنوع البيولوجي.
تشرف الحديقة على تنفيذ اثنين وعشرين برنامجاً متخصصاً لحماية الأنواع النادرة والمهددة بالانقراض أو المتوطنة في المنطقة. هذه البرامج تعتمد على أحدث المعايير العلمية والتقنيات المتطورة في مجال رعاية الحيوانات وإكثارها.
يأتي هذا النجاح المتواصل في إطار الاستراتيجية الوطنية للحفاظ على التنوع البيولوجي، حيث تلعب الحديقة دوراً محورياً في الجهود المبذولة لحماية الثروة الحيوانية المحلية والإقليمية. هذه الجهود تساهم في الحفاظ على التراث الطبيعي للأجيال القادمة وتعزز مكانة المغرب كرائد في مجال الحفاظ على البيئة.