حقق المسلسل المغربي “رحمة” نجاحًا لافتًا خلال شهر رمضان، حيث جذب انتباه شريحة واسعة من المشاهدين المغاربة الذي تابعوا أحداثه بشغف وتفاعلوا مع تطور شخصياته وتعقيد حبكته. لكن المفاجأة الكبرى جاءت في الحلقة الأخيرة، التي تركت الجمهور في حالة من الحيرة، نظرًا لنهايتها المفتوحة وغير المفهومة، مما عزز التكهنات حول جزء ثانٍ مرتقب يُتوقع عرضه في رمضان المقبل.
عبد الله ديدان يتألق في دور داوود
من أبرز عوامل نجاح “رحمة”، الأداء القوي الذي قدّمه الفنان عبد الله ديدان في دور “داوود”، الشخصية الرئيسية التي شكّلت محور الأحداث. فقد أظهر ديدان احترافية عالية وحضورًا قويًا على الشاشة، حيث تقمّص الشخصية بعمق وواقعية، وجسّد تناقضاتها النفسية وانفعالاتها بشكل جعل المتفرج يعيش معه كل لحظة من الألم، والحيرة، والتردد، وحتى القسوة الإنسانية. لقد نجح ديدان في أن يجعل من داوود شخصية معقدة ومحبوبة في آن واحد، ويُثبت مرة أخرى أنه من الأسماء الكبيرة في الساحة الفنية المغربية.
الرباط وسلا… نجمتا الشاشة الصغيرة
لم يكن “رحمة” مجرد قصة درامية اجتماعية مؤثرة، بل كان أيضًا بطاقة حب بصرية للعاصمتين الشقيقتين، الرباط وسلا. فقد أبدع المخرج في تقديم صورة مبهرة لهما، عبر لقطات جوية مذهلة التُقطت بطائرات درون، أظهرت جمال المدينتين من زوايا غير مألوفة، ما جعل الجمهور يُعيد اكتشاف سحر الأزقة القديمة، والواجهات التاريخية، والشواطئ الممتدة، ومشاهد الغروب الخلابة على ضفتي نهر أبي رقراق.
الرباط، بهندستها الحديثة وروحها الثقافية، وسلا، بعراقتها ودفء أحيائها الشعبية، تشاركتا البطولة مع “رحمة” دون أن تنطقا بكلمة، وأصبحتا شخصيتين أساسيتين في السرد البصري، تبهران العين وتلامسان الروح.
انتظار وترقب…
اليوم، ومع انتهاء حلقات “رحمة”، يُجمع المغاربة على أمرين: أولًا، أن المسلسل استطاع أن يمزج بين قوة القصة وجمالية الصورة، وثانيًا، أن الرباط وسلا تستحقان أن تكونا واجهتين سينمائيتين بامتياز.
ويبقى الأمل معلقًا على رمضان القادم، حيث يترقّب الجميع ما إن كانت “رحمة” ستعود لتُكمل قصتها، وتُسافر بنا من جديد بين دروب مدينتين تستحقان أن تُشاهدا من السماء ومن القلب.