في خطوة رمزية تبرز عمق العلاقات التاريخية بين البلدين، نشرت السفارة الأمريكية في غانا وثائق تتعلق بمعاهدة الصداقة التي جمعت بين المملكة المغربية والولايات المتحدة، ما يعيد إلى الأذهان الدور الريادي للمغرب في دعم الدولة الناشئة منذ تأسيسها. وتُعتبر هذه الوثائق، التي يعود تاريخها إلى 25 يناير 1787، شهادة على اعتراف مغربي مبكر باستقلال الولايات المتحدة، في وقت كانت فيه الأخيرة لا تزال تواجه تحديات في إثبات وجودها دوليًا.
يُظهر هذا النشر التزام أمريكا بالاحتفاء بالعلاقات الثنائية الطويلة الأمد، ويشير إلى أن المغرب لم يكن مجرد شريك دبلوماسي، بل كان أول دولة تبرم معاهدة صداقة رسمية مع الولايات المتحدة. وقد شكّلت هذه المعاهدة حجر الأساس في بناء علاقات دبلوماسية وتجارية متينة استمرت لأكثر من قرنين، وتُعد نموذجًا نادرًا من الاستمرارية في السياسة الخارجية الأمريكية.
تُبرز الوثائق المنشورة كيف لعب المغرب دورًا محوريًا في تعزيز مصداقية الولايات المتحدة على الساحة الدولية، من خلال اعترافه المبكر بسيادتها، وفتح المجال أمام تبادل التمثيل الدبلوماسي والتجارة الحرة بين البلدين. وتشير هذه الخطوة إلى أن العلاقة بين الرباط وواشنطن ليست وليدة الصدفة أو المصالح المؤقتة، بل ترتكز على إرث دبلوماسي عريق يمتد إلى ما قبل تأسيس العديد من الدول الحديثة.
ويكتسب نشر هذه الوثائق في غانا بعدًا استراتيجيًا، إذ يُظهر رغبة أمريكية في تسليط الضوء على الشراكات التاريخية مع الدول الإفريقية، في سياق أوسع يهدف إلى تعزيز التعاون القاري. وفي الوقت نفسه، يُعزز هذا الإجراء من المكانة التاريخية للمغرب كشريك استراتيجي قديم لأمريكا، لا في إفريقيا فحسب، بل على المستوى العالمي.
تُذكّر هذه الخطوة بأن المغرب لم يكن فقط أول حليف للولايات المتحدة، بل ظل على مدار العقود شريكًا موثوقًا في مجالات الأمن والاستقرار والتنمية. وتشكل هذه الذكرى الدبلوماسية فرصة لإعادة التأكيد على متانة العلاقات الثنائية، ودور المغرب المستمر كركيزة للتعاون بين إفريقيا وأمريكا.