أردت، ليلة العيد في هولندا، أن استرجع أيام نكهة العيد وأعد “كيكة” حلوة ترسخ حنين مذاق الحلوى في الذاكرة المغربية.
كنت قد تعودت كل عيد، في مدة غير يسيرة، أن أعد كيكة خاصة بالبسكويت واللوز والبيض، وهي وصفة اختزنتها الذاكرة منذ أيام العمل الأولى في “الشرق الأوسط” بداية التسعينات، حيث منحتني أسرار إعدادها الصديقة المسؤولة المالية ب”الشرق الأوسط” آنذاك، فتيحة، فمقاديرها كانت مضبوطة لدرجة سميتها كيكة فتيحة، والتي كانت ناجحة بكل المقاييس.
انقطعت لفترة عن صنع الكيك والحلوى، مادام السوق المغربي يوفر كل الاختيارات الممكنة وبأثمنة مناسبة.
في عيد الفطر بهولندا استرجعت أيام الحنين لتفاصيل العيد وأردت أن أشم رائحة الحناء في يدي وأستنشق حلوى البيت وهي تطلق رائحتها في كل الأرجاء، كما كنا أيام زمان في بيتنا العائلي بطنجة، أو حتى في بيتي بالرباط، يا ألله.. حتى زمن الرباط يبدو اليوم في هولندا بعيدا جدا، وصار من الماضي.. ما أقسى أن تمحو اللحظة كل أيام مضت.. لكن عش اللحظة.. كما ينصح “الكوتشيون” الجدد سامحهم الله وأمد في عمرهم..!
لم يتوفر لدي كل لوازم الكيكة العجيبة أو “كيكة فتيحة”، واخترت أن أبتكر كيكة جديدة بما هو موجود في إطار سياسة حسن التدبير والحداقة التي تميز المغربيات. اخترت قالبا على شكل قلب ووضعت في العجينة لوزا وتمرا وبعض المنسمات من الفانيلا والقرفة، وانتظرت أن تنضج الكيكة بنكهة الوطن، لكنها لم تطلق تلك الرائحة المشتهاة. نضجت بسرعة عجيبة، لكن بلا رائحة ولا طعم تقريبا.
البحث عن الرائحة هو السر الذي يكمن وراء عدم اندماج المغاربة في بلدان المهجر، ماعدا من ولد وترعرع هنا، وليس لهيه وسط رائحة الوالدين والقزبر وحبة حلاوة ووو.. نكهة الهجرة مختلفة بين العشرين والخمسين، وكيكة الوطن لها نكهة خاصة جدا، وجب فقط اقتسامها بروح المحبة والقسطاس.
سميرة مغداد