في تحول استثنائي يكشف عن ديناميكيات عالم المال والأعمال، نجح الملياردير الأمريكي إيلون ماسك في الاحتفاظ بلقب أغنى شخص في العالم رغم تعرضه لخسائر تُقدر بـ 113 مليار دولار خلال العام الجاري، وهو ما يعادل ربع ثروته الإجمالية.
تكشف هذه المفارقة المالية عن تحول جذري في هيكل استثمارات ماسك، حيث لم تعد شركة “تسلا” للسيارات الكهربائية المحرك الرئيسي لثروته كما كان الحال قبل أشهر قليلة. فقد تراجع سهم الشركة بنسبة 33% منذ فترة، وشهدت مبيعاتها انخفاضاً حاداً أثر سلباً على قيمتها السوقية.
ووفقاً لتحليلات مالية متخصصة، فإن نجاح ماسك في الحفاظ على صدارة قائمة أثرياء العالم يعود بالأساس إلى أداء شركاته الخاصة غير المدرجة في البورصة، والتي باتت تشكل العمود الفقري لإمبراطوريته المالية.
وتُظهر بيانات مؤشر “بلومبرغ للمليارديرات” أن ثروة ماسك تتوزع بشكل غير متكافئ بين استثماراته، إذ تبلغ قيمة حصته في “تسلا” نحو 117 مليار دولار، بينما تصل قيمة حصصه في شركاته الخاصة الأخرى إلى 218 مليار دولار، أي ما يقارب ضعف استثماراته في شركة السيارات الكهربائية.
تتصدر شركة “سبيس إكس” للصواريخ والفضاء قائمة استثمارات ماسك الخاصة، حيث ارتفع تقييمها مؤخراً إلى مستوى قياسي يبلغ 350 مليار دولار، ما يجعلها أعلى الشركات الناشئة قيمة على مستوى العالم. وقد ساهمت جولات التمويل الأخيرة التي أجراها ماسك في تعزيز هذا التقييم بشكل كبير.
وفي سياق متصل، تعمل شركة “xAI” المتخصصة في الذكاء الاصطناعي، والتي أسسها ماسك مؤخراً، على جولة تمويل جديدة من المتوقع أن ترفع قيمتها السوقية إلى 120 مليار دولار. كما استفادت شركة “نيورالينك” المتخصصة في تطوير الشرائح الدماغية من تمويلات جديدة عززت من قيمتها السوقية.
ويرى محللون اقتصاديون أن استراتيجية التنويع التي يتبعها ماسك في استثماراته، وتركيزه على مجالات التكنولوجيا المتقدمة والفضاء والذكاء الاصطناعي، قد منحته حصانة نسبية ضد تقلبات أسواق المال، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية المضطربة التي يشهدها العالم.
وعلى عكس غالبية المليارديرات الذين تشهد ثرواتهم تذبذباً متكرراً وتبادلاً للمراكز، استطاع ماسك الخروج من دائرة هذا التنافس المحموم، محافظاً على مكانته في قمة هرم الثروة العالمي رغم الخسائر الفادحة التي تكبدها.
ويُذكر أن شركة “تسلا” تمثل الاستثمار الوحيد المدرج في البورصة ضمن محفظة ماسك الاستثمارية، ما جعلها تتحمل وطأة الانتقادات الموجهة إليه وإلى سياساته المثيرة للجدل، خاصة بعد استحواذه على منصة التواصل الاجتماعي “X” (تويتر سابقاً) والتغييرات الجذرية التي أجراها عليها.
تعكس هذه التطورات قدرة رجل الأعمال المثير للجدل على التكيف مع المتغيرات الاقتصادية، وتوظيف رأس ماله في مجالات استثمارية مستقبلية تحميه من تقلبات الأسواق التقليدية، مما يرسخ مكانته كواحد من أكثر المستثمرين المؤثرين في عالم التكنولوجيا والاقتصاد العالمي.