في خطوة وُصفت بالجريئة وغير المسبوقة، أعلن وزير التربية الوطنية، محمد سعد برادة، أمام البرلمان عن مقترحه القاضي بفرض عقد ملزم بين أولياء الأمور والمؤسسات التعليمية الخصوصية، بهدف تأطير العلاقة بين الطرفين ووضع حدٍ للنزاعات التي غالبًا ما تنفجر إلى العلن، عبر الشكايات والإعلام، وتصل في بعض الأحيان إلى مستويات تؤثر سلبًا على المسار الدراسي للتلاميذ.
وأشار الوزير إلى أن قطاع التعليم الخصوصي لطالما عانى من غياب الوضوح في العلاقة بين الأسر والإدارات، حيث يغيب التوازن بين الحقوق والواجبات، وتُترك العديد من المسائل، وعلى رأسها مسألة رسوم التمدرس، لتقديرات أرباب المؤسسات دون إطار قانوني واضح، ما يفتح الباب أمام التجاوزات والمبالغة في التسعير داخل سوق مفتوح على المنافسة.
وأكد برادة أن هذا العقد المرتقب من شأنه أن يشكل أداة قانونية وتنظيمية للحد من الانزلاقات، وضمان استقرار العلاقات بين الأطراف المعنية، بما يخدم مصلحة التلميذ أولاً. ومع ذلك، تطرح تساؤلات جدية حول قدرة الوزارة على فرض احترام هذه العقود من طرف فاعلين تربويين يملكون نفوذًا داخل البرلمان والمراكز العليا، ويُعرف عنهم ممارستهم لـ”اللوبيينغ” في دواليب القرار.
ويُنتظر أن يتم الكشف عن الصيغة النموذجية لهذا العقد خلال الدخول المدرسي المقبل، حيث أعلن الوزير أن من بين بنوده ضبط رسوم التمدرس، منع طرد التلاميذ خلال السنة الدراسية، ورفض إعادة التسجيل دون مبرر قانوني، وهي ممارسات رائجة حاليًا وتؤثر على آلاف الأسر.
هذه الخطوة تُعد أول قرار هيكلي للوزير منذ توليه المنصب، وتدلّ على رغبة حقيقية في ضبط القطاع بعد سنوات من الفوضى، والتي سمحت للعديد من المستثمرين في التعليم بالاغتناء من خلال تحويل المؤسسات إلى مشاريع عقارية، مستغلين فراغًا قانونيًا أضر بالأسر وجعلها رهينة لقرارات تعسفية.