في تطور لافت يؤكد المكانة المتقدمة التي بات يحتلها المغرب في خارطة الاستثمارات الدولية في قطاع المعادن، أعلن بينوا لا سال، الرئيس المدير العام لشركة “أيا غولد آند سيلفر” الكندية، عن تحقيق شركته أرباحا قياسية خلال الربع الأول من سنة 2025، وذلك بفضل الارتفاع الملحوظ في إنتاج الفضة من منجم “زكوندر” الواقع في منطقة جبل سيروا ضمن سلسلة جبال الأطلس الصغير.
ارتفاع قياسي في الأسهم وإنتاج واعد
شهدت أسهم شركة “أيا غولد آند سيلفر” ارتفاعاً ملحوظاً بنسبة 11.5% مع نهاية جلسة التداول أمس، وذلك استجابة لإعلان الشركة عن نتائجها المالية المتميزة للربع الأول. وقد أكد بينوا لا سال خلال مقابلته مع شبكة “بي إن إن بلومبيرغ” أن الشركة تمتلك منجماً فريداً من نوعه في المغرب يحتوي على فضة نقية خالصة.
ولم يخف لا سال حماسه وهو يشبه المرحلة الحالية التي تعيشها الشركة بإقلاع طائرة بوينغ 747، مشيرا إلى أن المنجم دخل مرحلة الإنتاج التجاري الفعلي منذ أواخر ديسمبر الماضي، بعد سنتين من الأشغال المكثفة والتجهيزات التقنية الدقيقة.
وأوضح المدير التنفيذي أن الربع الأول كان بمثابة مرحلة تصاعدية لتشغيل جميع الأنظمة والمعدات، مضيفاً: “لقد حققنا نتائج قوية للغاية في الربع الأول من فترة التصاعد”. وأضاف أن الشركة استطاعت في فترة وجيزة تسجيل إنتاج قياسي تجاوز مليون أونصة من الفضة خلال الثلاثة أشهر الأولى من العام، بتكلفة نقدية تبلغ 18 دولاراً للأونصة، ومعدل توافر للمنشآت يصل إلى 90-93%.
مؤشرات مالية مبشرة بمستقبل زاهر
تمكنت الشركة من تحقيق 7 ملايين دولار من الأرباح و 8 ملايين دولار من التدفق النقدي الحر، وهي أرقام مرشحة للارتفاع بشكل أكبر خلال الفصول المقبلة. وصرح لا سال: “سنشهد تحسناً مع دخولنا الربع الثاني، وسيكون الربع الثالث أفضل من الثاني، وهكذا”.
وأكد الرئيس المدير العام أن الشركة تستهدف الوصول إلى إنتاج 1.5 مليون أونصة فصلياً بحلول الربع الرابع، أي ما يعادل 6 ملايين أونصة سنوياً. ومن المتوقع أن تنخفض التكاليف لتصل إلى حوالي 14-15 دولاراً للأونصة.
وبهذا المعدل، تتوقع الشركة توليد أكثر من 100 مليون دولار من التدفق النقدي الحر سنوياً، وهو رقم قابل للزيادة مع استمرار تحسين العمليات وتخفيض التكاليف.
المغرب كوجهة استثمارية رائدة في مجال التعدين
يرى رئيس الشركة أن هذه المؤشرات لا تعكس فقط نجاح المشروع، بل تبرز أيضا تنافسية المغرب كوجهة عالمية للاستثمار في قطاع التعدين. وقد خص لا سال المملكة بإشادة كبيرة قائلاً: “المعيار الأول للاستثمار في شركة تعدين هو الولاية القضائية، خاصة في بيئة ترتفع فيها أسعار السلع، والمغرب يندرج ضمن أفضل خمس ولايات قضائية في العالم”.
وأشاد المدير التنفيذي بالاستقرار السياسي والأمني الذي تنعم به المملكة، فضلاً عن البنية التحتية الممتازة والوصول إلى الطاقة الخضراء بأسعار تنافسية (0.7 دولار لكل كيلوواط ساعة). وأضاف: “لدينا طاقة شمسية ورياح تأتي مباشرة من الشبكة”.
واستحضر لا سال الفرق الكبير في المدة الزمنية اللازمة للحصول على رخص التعدين بين الدول، مشيرا إلى أن الأمر قد يتطلب بين 7 إلى 20 سنة في أمريكا الشمالية، بينما لا يتعدى بضعة أشهر في المغرب. وأضاف أن الترخيص المعدني يكون صالحاً لمدة 10 سنوات قابلة للتجديد، مما يوفر أماناً طويل الأمد للمستثمرين.
تكاليف تشغيلية تنافسية تعزز الاستثمار
أوضح لا سال أن هيكل التكاليف في المغرب يمثل حوالي ثلث ما هو موجود في بقية العالم. وقدم مثالاً بارزاً على هذه الميزة: “لقد قمنا ببناء خط كهرباء بطول 92 كيلومتراً مقابل 6 ملايين دولار. وفي كندا، كانت ستكلف 92 مليون دولار، أي مليون دولار لكل كيلومتر”.
وتترجم هذه الكفاءة الاقتصادية إلى تكاليف تشغيل وبناء أقل بكثير، مما يزيد بشكل كبير من صافي قيمة أصول الشركة ويجعل المشاريع المغربية جذابة بشكل خاص للمستثمرين الدوليين.
إن نجاح شركة “أيا غولد آند سيلفر” في المغرب لا يشهد فقط على ثراء البلاد بالمعادن، بل أيضاً على بيئتها الصديقة للأعمال، التي تجمع بين البنية التحتية الحديثة والقوى العاملة الماهرة والإطار التنظيمي الفعال. ومن المرجح أن يشجع هذا النجاح شركات تعدين دولية أخرى على اعتبار المغرب وجهة مفضلة لاستثماراتها المستقبلية.