اتخذ البيت الأبيض قرارا مفاجئا بإنشاء حساب رسمي على منصة تيك توك، في خطوة تبدو متناقضة مع التوترات المتصاعدة حول مصير هذا التطبيق الصيني داخل الأراضي الأمريكية. هذه المبادرة جاءت في توقيت حساس، حيث تواجه شركة بايت دانس الصينية ضغوطا متزايدة لبيع عملياتها الأمريكية تحت طائلة الحظر الكامل.
الخطوة الأولى للإدارة الأمريكية على المنصة كانت نشر مقطع فيديو يضم الرئيس دونالد ترامب وهو يوجه رسالة مباشرة للجمهور قائلا إنه صوت الشعب الأمريكي. هذا المحتوى حقق انتشارا سريعا وتفاعلا كبيرا من المستخدمين، مما يؤكد القوة التأثيرية للمنصة التي تثير الجدل نفسه.
تأتي هذه الخطوة في ظل معركة قانونية وسياسية معقدة بدأت في عهد الإدارة السابقة برئاسة جو بايدن، الذي وقع قانونا يلزم الشركة الصينية ببيع أصولها الأمريكية أو مواجهة الإقصاء من السوق الأمريكية. القانون نبع من مخاوف أمنية عميقة تتعلق بإمكانية استغلال بكين لبيانات المستخدمين الأمريكيين أو التلاعب في خوارزمية التطبيق للتأثير على الرأي العام الأمريكي.
الشركة الصينية رفضت باستمرار هذه الاتهامات ونفت أي تورط في أنشطة تجسس أو تلاعب، مؤكدة أن بياناتها محمية وأن عملياتها شفافة. لكن هذه التأكيدات لم تكن كافية لتهدئة مخاوف المشرعين الأمريكيين الذين يرون في التطبيق تهديدا محتملا للأمن القومي.
موقف ترامب من تيك توك شهد تطورات متناقضة، فبعد أن كان من أشد المنادين بحظر التطبيق في ولايته الأولى، غير نهجه في الفترة الأخيرة ومنح الشركة الصينية مهلا إضافية متعددة. آخر هذه التمديدات كان في يونيو الماضي حيث حصلت الشركة على 90 يوما إضافية للتوصل إلى حل.
رغم كل هذه المهل الزمنية، لم تتمكن بايت دانس من إبرام أي صفقة بيع حقيقية، مما يضع مستقبل التطبيق في حالة من عدم اليقين. هذا الوضع المعلق يخلق سيناريوهات متعددة تتراوح بين الحظر النهائي والوصول إلى تسوية سياسية تحافظ على وجود التطبيق في السوق الأمريكية.
إنشاء البيت الأبيض لحساب على تيك توك في هذا التوقيت الحرج يرسل رسائل متضاربة حول الموقف الرسمي الأمريكي. من جهة، يشير إلى رغبة الإدارة في الاستفادة من قوة المنصة في الوصول إلى الجمهور، ومن جهة أخرى، يثير تساؤلات حول جدية التهديدات بالحظر والمخاوف الأمنية المعلنة.
هذا التناقض الظاهر قد يعكس تغيرا في استراتيجية التعامل مع المنصة الصينية، أو قد يكون مجرد محاولة للاستفادة من شعبية التطبيق قبل اتخاذ قرار نهائي بشأن مصيره. في كلتا الحالتين، تبقى قضية تيك توك واحدة من أبرز ملفات التوتر التكنولوجي بين الولايات المتحدة والصين.