كشفت المديرية العامة للوقاية المدنية عن بيانات مثيرة للقلق حول حوادث الغرق التي شهدتها المملكة خلال الفترة الأولى من موسم الاصطياف لعام 2025. البيانات الرسمية أظهرت تسجيل أكثر من أربعة عشر ألف حالة غرق بين الأول من مايو والخامس عشر من يوليو، مما يطرح تساؤلات جدية حول فعالية التدابير الوقائية المتبعة.
من بين هذا العدد الكبير من الحوادث، تمكنت فرق الإنقاذ من إنجاز عمليات إنقاذ ناجحة لأكثر من 13970 شخصا، وهو رقم يعكس الجهود المضنية التي تبذلها عناصر الوقاية المدنية في مختلف المواقع الشاطئية. لكن هذه الجهود لم تمنع تسجيل 49 حالة وفاة بالإضافة إلى 21 شخصا لا يزالون في عداد المفقودين.
التحليل الجغرافي لهذه الإحصائيات يكشف عن تفاوت واضح في مستوى الخطر بين المواقع المختلفة. فجهة الدار البيضاء سطات سجلت وحدها أكثر من 3144 حالة، مع 14 حالة وفاة ونفس العدد من المفقودين. هذا التركز الجغرافي للحوادث يعكس الكثافة السكانية العالية في هذه المنطقة والإقبال الكبير على شواطئها.
الفارق في معدلات الأمان بين الشواطئ المراقبة وغير المراقبة يظهر بوضوح في الإحصائيات المسجلة. الشواطئ غير الخاضعة للمراقبة شهدت 33 حالة وفاة و 18 حالة اختفاء، بينما الشواطئ المؤمنة سجلت 16 حالة وفاة 3 حالات فقدان. هذا التباين الصارخ يؤكد الدور الحاسم الذي تلعبه فرق الإنقاذ في تقليل المخاطر وحماية أرواح المصطافين.
شاطئ عين الدياب في الدار البيضاء يمثل نموذجا واضحا للتحديات التي تواجهها فرق الإنقاذ، حيث يستقبل يوميا خلال عطلات نهاية الأسبوع حوالي 250 ألف زائر. هذا الرقم الهائل يتطلب تعبئة استثنائية للموارد البشرية والتقنية لضمان مستوى مقبول من الأمان.
الاستعدادات الموسمية للوقاية المدنية تبدأ مبكرا وتستمر على مدى 153 يوما، من بداية مايو حتى نهاية سبتمبر. خلال هذه الفترة، تعمل الفرق على مدار الساعة ابتداء من الثامنة صباحا، مع تكييف عملياتها حسب الظروف الجوية وحالة البحر.
التجهيزات التقنية المستخدمة في عمليات الإنقاذ تشمل مجموعة متطورة من الأدوات البحرية مثل الدراجات المائية وقوارب النجاة وزوارق زودياك، بالإضافة إلى المركبات رباعية الدفع للتدخل السريع على الشواطئ. كما تتضمن الفريق المتخصص في الغوص للبحث عن المفقودين تحت الماء.
الليوتنان كولونيل عادل حيمودي، المسؤول عن مركز الإغاثة في عين الذئاب، أكد أن المديرية تقوم سنويا بحشد موارد بشرية ولوجستية ضخمة لتأمين مناطق السباحة على طول الساحل المغربي. هذه الجهود تتضمن تدريب منقذين موسميين شباب بالتعاون مع الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات، حيث يخضعون لتكوين صارم في تقنيات الإنقاذ والإسعافات الأولية ومهارات التواصل مع الجمهور.
برامج التوعية والوقاية تشكل جزءا أساسيا من استراتيجية المديرية العامة للوقاية المدنية، حيث يتم تنظيم حملات وطنية شاملة تشمل توزيع المطويات التوعوية والبرامج الإذاعية والرسائل الرقمية. كما يتم تعزيز الإشارات التحذيرية في الشواطئ من خلال الأعلام الملونة وتحديد المناطق الخطرة واستخدام مكبرات الصوت لتنبيه المصطافين، بالإضافة إلى تسيير دوريات منتظمة برية وبحرية.
هذه الأرقام المقلقة تؤكد ضرورة التزام المواطنين بالتعليمات الوقائية والاقتصار على السباحة في الشواطئ المؤمنة والمراقبة، فهي الضمانة الوحيدة لتجنب المآسي والحفاظ على الأرواح في ظل طبيعة البحر غير المتوقعة.