أعلنت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار عن إصلاح جوهري في منظومة القبول بسلك الماستر، حيث تقرر التخلي نهائيا عن نظام المباريات التقليدية سواء الكتابية أو الشفوية. هذا القرار الجذري يمثل نقطة تحول كبيرة في التعليم العالي المغربي، حيث سيتم الاعتماد بدلا من ذلك على نظام الانتقاء المبني حصريا على المعدلات والنقاط الأكاديمية التي حققها الطلبة خلال مسارهم الجامعي.
هذا التوجه الجديد جاء كرد فعل مباشر على سلسلة من الفضائح التي هزت الوسط الجامعي المغربي في الآونة الأخيرة، وكان أبرزها ما بات يعرف إعلاميا باسم فضيحة قيليش التي كشفت عن اختلالات خطيرة في نظام المباريات السابق. هذه الأحداث دفعت الوزارة إلى إعادة النظر كليا في آليات القبول لضمان الشفافية والعدالة في الولوج إلى التعليم العالي.
الإطار القانوني الجديد تجسد في الضوابط البيداغوجية الوطنية المحدثة لسلك الماستر، والتي صدرت رسميا في الجريدة الرسمية بتاريخ 14 غشت 2025. هذه الضوابط تضع أسسا جديدة تماما لعملية القبول، مما يعني تغييرا جذريا في طريقة اختيار الطلبة المؤهلين لمواصلة دراساتهم العليا.
وفقا للنظام المحدث، سيكون بإمكان الطلبة الحاصلين على شهادة الإجازة أو ما يعادلها التقدم للحصول على مقعد في سلك الماستر، شريطة أن يستوفوا المعايير المحددة في الملف الوصفي الخاص بكل مسلك تخصصي. هذا يعني أن عملية القبول ستصبح أكثر تخصصا ودقة في اختيار المرشحين المناسبين لكل برنامج دراسي.
الضوابط الجديدة تتضمن أيضا ميزة خاصة لطلبة مراكز التميز المنشأة بموجب القانون رقم 01.00، حيث سيحصلون على قبول تلقائي في مسالك الماستر التي تحتضنها هذه المراكز المتخصصة. هذا الإجراء يعكس الاعتراف بالمستوى الأكاديمي المتميز لهؤلاء الطلبة ويوفر لهم مسارا مباشرا لمواصلة تعليمهم المتقدم.
عملية الانتقاء الجديدة ستخضع لإشراف لجان متخصصة تتكون من رئيس المؤسسة التعليمية أو من ينوب عنه، إلى جانب رئيس الشعبة والمنسق البيداغوجي للمسلك المعني. كما تتضمن اللجنة أعضاء إضافيين يمكن لرئيس المؤسسة تعيينهم حسب الحاجة والتخصص المطلوب.
مهام هذه اللجان ستشمل دراسة ملفات المترشحين بعناية وإعداد محضر رسمي يحدد قوائم المقبولين وقوائم الانتظار. هذا المحضر سيخضع لتوقيع جميع أعضاء اللجنة قبل إرساله إلى رئيس الجامعة ورئيس المؤسسة لاعتماده ونشر النتائج النهائية للطلبة المرشحين.
هذا النظام الجديد يهدف إلى ضمان الشفافية الكاملة في عملية القبول وتجنب الممارسات المشبوهة التي طالت النظام السابق. كما أنه يركز على الجدارة الأكاديمية الحقيقية للطلبة بدلا من الاعتماد على امتحانات قد تكون عرضة للتلاعب أو عدم العدالة.
التحول نحو نظام الانتقاء على أساس المعدلات الأكاديمية يعكس توجها حديثا في التعليم العالي يركز على الأداء المستمر للطالب طوال مساره الجامعي بدلا من الاعتماد على أداء لحظي في امتحان واحد. هذا المنهج يعطي صورة أكثر دقة وشمولية عن قدرات الطالب الأكاديمية والبحثية.