أصدر المعهد الملكي الإسباني إلكانو تقريراً أكد فيه أن قرار الجزائر بعدم المشاركة في التصويت الأخير الذي أجراه مجلس الأمن الدولي حول القرار رقم 2797 المتعلق بالصحراء المغربية يكشف عن إنهاكها من الدفاع عن قضية باتت لا تدر عليها أي مكاسب حقيقية، لافتاً إلى أن المغرب أضحى الطرف الأكبر استفادة من التطورات الإقليمية والدولية المحيطة بهذا الملف.
أوضح المعهد في تقريره الذي نشره على منصته الرسمية تحت عنوان “الصحراء الغربية.. جميع الأوراق باتت في يد المغرب” أن إقرار القرار الجديد في الحادي والثلاثين من أكتوبر الماضي يمثل عملياً نهاية المسار الأممي الذي انطلق عام 1991 بخطة سلام كانت تقترح تنظيم استفتاء لتقرير مصير الإقليم، مشيراً إلى أن الرباط باتت تتمتع بأفضلية واضحة أمام جبهة البوليساريو.
أشار معهد إلكانو، الذي يعد من أبرز مراكز الأبحاث الإسبانية المتخصصة في الشؤون الدولية، إلى أن المعطيات الميدانية والسياسية أصبحت منذ سنوات تميل بوضوح لصالح المغرب، موضحاً أن القوات المسلحة الملكية المغربية تبسط سيطرتها حالياً على ما يقارب ثمانين في المائة من مساحة الإقليم الذي تصنفه الأمم المتحدة كمنطقة غير متمتعة بالحكم الذاتي.
ذكر التقرير أن التفوق العسكري الساحق الذي يتمتع به المغرب بدعم من الولايات المتحدة كمورد أساسي للمعدات العسكرية المتقدمة، مكن الرباط من بسط سيطرة كاملة على ما يعرف بالصحراء المفيدة، وإفشال جميع محاولات جبهة البوليساريو لقلب موازين القوى، خاصة منذ عودتها إلى النشاط المسلح في أكتوبر 2020.
على الصعيد السياسي الداخلي، يرى المعهد أن المغرب أفلح في توحيد مختلف مكوناته السياسية والمجتمعية حول مغربية الأقاليم الجنوبية من خلال تكثيف الاستثمارات في المنطقة وتوفير فرص اقتصادية واجتماعية، سواء للمغاربة القادمين من مناطق أخرى أو للصحراويين الراغبين في تحسين أوضاعهم المعيشية بالمقارنة مع ظروف مخيمات تندوف.
لفت التقرير إلى أن ما يسمى بالجمهورية الصحراوية المعلنة من جانب واحد تعاني من هشاشة اقتصادية وعزلة سياسية جعلتها عاجزة عن تلبية حاجيات سكانها أو الحفاظ على زخمها السياسي، وهو ما زاد من حالة الإحباط لدى الصحراويين المقيمين في المخيمات.
على المستوى الدبلوماسي، يبرز التقرير أن المغرب يواصل تحقيق تقدم ملموس على حساب خصومه سواء داخل الاتحاد الإفريقي أو في الأمم المتحدة، مذكراً بأن عودة الرباط إلى المنظمة القارية سنة 2017 كانت خطوة مدروسة تهدف إلى تضييق نفوذ البوليساريو داخلها.
أضاف المصدر ذاته أن هذا التحول ترافق مع توسع لافت في دائرة الدعم الدولي للموقف المغربي، مشيراً إلى انحياز عواصم كبرى مثل واشنطن وباريس ومدريد ولندن وبرلين إلى الطرح المغربي، خصوصاً بعد اعتراف إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ديسمبر 2020 بسيادة المغرب على الصحراء.
وفقاً لمعهد إلكانو، لم يعد ما يسمى بالجمهورية الصحراوية معترفاً بها إلا من قبل 47 دولة بعدما كان عددها 84، وهو ما يشير إلى تراجع دبلوماسي واضح لجبهة البوليساريو وحلفائها مقابل نجاح المغرب في بناء تحالفات قوية وتغيير موازين التأييد الدولي لصالحه.
أوضح التقرير أن القرار 2797 جاء ليتوج هذا المسار، حيث نال تأييد 11 دولة في مجلس الأمن بقيادة الولايات المتحدة، فيما امتنعت روسيا والصين وباكستان عن التصويت، بينما اختارت الجزائر الامتناع عن المشاركة في التصويت، في خطوة قال المعهد إنها تعبر عن إنهاكها من الدفاع عن ملف لم يعد يحقق لها أي مكاسب ملموسة.
رغم أن القرار الأممي الأخير لم يلغ رسمياً مبدأ تقرير المصير، إلا أن المعهد أشار في تقريره إلى أن الحديث عن تنظيم استفتاء أصبح من باب الخيال السياسي، مضيفاً أن المقاربة الواقعية التي تتبناها الأمم المتحدة اليوم تتمحور حول مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.










