تداول مستخدمو منصات التواصل الاجتماعي في الأيام الأخيرة خبرا يفيد بأن السلطات الروسية قررت إعفاء المواطنين المغاربة من إجراءات الحصول على التأشيرة لدخول الأراضي الروسية، وذلك ضمن مجموعة من الدول الإفريقية المستفيدة من هذا القرار.
لقي هذا الخبر صدى واسعا بين المغاربة الذين اعتبروه خطوة إيجابية تسهل عليهم السفر إلى روسيا سواء للسياحة أو الدراسة أو العمل. تفاعل آلاف المستخدمين مع المنشورات المتعلقة بهذا الموضوع معبرين عن فرحتهم بما اعتقدوا أنه تسهيل كبير في إجراءات السفر نحو الدولة الروسية.
غير أن التحقق الدقيق من مصادر المعلومة والرجوع إلى التصريحات الرسمية كشف عن وجود سوء فهم كبير في تفسير البيانات الصادرة عن الجانب الروسي. التوضيحات التي قدمتها الجهات المختصة في موسكو أظهرت أن الخبر المتداول يحتوي على خلط واضح في المعطيات.
أكدت تاتيانا دوفغالينكو التي تشغل منصب مديرة إدارة الشراكة مع إفريقيا في وزارة الخارجية الروسية، خلال تصريح لوكالة إنترفاكس الروسية، أن الإعفاء من التأشيرة لا يشمل المواطنين المغاربة الراغبين في السفر إلى روسيا. بل إن الأمر يتعلق بالعكس تماما، حيث أن المواطنين الروس هم المستفيدون من هذا الإجراء الذي يسمح لهم بزيارة 11 دولة إفريقية دون الحاجة للحصول على تأشيرة مسبقة، ومن بين هذه الدول المغرب.
أوضحت المسؤولة الروسية أن هذا الترتيب يندرج ضمن جهود موسكو لتعزيز التعاون السياحي مع الدول الإفريقية وتشجيع الروس على اكتشاف وجهات سياحية جديدة في القارة السمراء. أشارت إلى أن اتفاقيات السفر المتبادلة بدون تأشيرة تربط روسيا بـ11 دولة إفريقية، لكن هذه الاتفاقيات تعني أن المواطنين الروس يمكنهم الدخول إلى هذه البلدان بحرية، وليس أن مواطني تلك الدول يمكنهم دخول روسيا بدون تأشيرة.
كشفت دوفغالينكو عن أرقام مثيرة للاهتمام تتعلق بحركة السياحة الروسية نحو شمال إفريقيا، موضحة أن المغرب يحظى باهتمام متزايد من السياح الروس. في سياق متصل، أشارت إلى أن مصر تأتي في مقدمة الوجهات الإفريقية المفضلة لدى السياح الروس، حيث استقبلت حوالي 1.5 مليون سائح روسي خلال سنة 2024، وهو ما يمثل نحو 15% من عائدات القطاع السياحي المصري.
يبدو أن الخبر الذي انتشر بشكل واسع كان نتيجة سوء فهم للتصريحات الأصلية التي أدلت بها المسؤولة الروسية. بعض المواقع الإخبارية والصفحات على وسائل التواصل الاجتماعي نقلت المعلومة بطريقة مغلوطة، مما خلق حالة من اللبس والارتباك بين المتابعين المغاربة الذين استبشروا بما اعتقدوا أنه تسهيل في إجراءات السفر.
هذه الحادثة تسلط الضوء على أهمية التحقق من المصادر الرسمية قبل نشر أو تداول الأخبار، خاصة تلك المتعلقة بالإجراءات الإدارية والقنصلية التي تهم شريحة واسعة من المواطنين. الاعتماد على التصريحات الرسمية المباشرة والترجمة الدقيقة للبيانات الصادرة بلغات أجنبية يبقى الضمانة الوحيدة لتجنب انتشار المعلومات المضللة.
في الوقت الراهن، لا يزال المواطنون المغاربة الراغبون في السفر إلى روسيا ملزمين باتباع الإجراءات المعتادة للحصول على التأشيرة الروسية. يتطلب ذلك التقدم بطلب إلى القنصلية الروسية وتقديم الوثائق المطلوبة والانتظار لحين معالجة الطلب والحصول على الموافقة.
تجدر الإشارة إلى أن العلاقات بين المغرب وروسيا تشهد تطورا ملحوظا في السنوات الأخيرة على مختلف الأصعدة الاقتصادية والثقافية والسياحية. رغم ذلك، فإن موضوع الإعفاء من التأشيرة يبقى مسألة حساسة تتطلب مفاوضات ثنائية واتفاقيات رسمية بين البلدين، ولا توجد حتى الآن أي مؤشرات على اتخاذ خطوات في هذا الاتجاه.
يبقى على المواطنين المغاربة متابعة القنوات الرسمية للحصول على المعلومات الموثوقة المتعلقة بإجراءات السفر والتأشيرات، وعدم الانجرار وراء الأخبار المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي دون التأكد من مصداقيتها ومطابقتها للواقع.










