أعلنت الحكمة الدولية المغربية بشرى كربوبي اعتزالها الرسمي عن عالم التحكيم في خطوة فاجأت الوسط الرياضي المغربي، وذلك من خلال رسالة نشرتها على حسابها الشخصي في منصة إنستغرام موجهة إلى فوزي لقجع رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم. الرسالة المؤرخة في 25 نونبر 2025 من مدينة مكناس حملت في طياتها تفاصيل دقيقة حول الدوافع التي أدت بها إلى اتخاذ هذا القرار بعد مشوار طويل امتد لربع قرن في ميادين كرة القدم.
استهلت كربوبي رسالتها بالإشادة بالاهتمام الذي توليه المؤسسات الرياضية المغربية للرياضيين بشكل عام وللنساء بشكل خاص. أكدت أن الدعم المؤسساتي الذي حظيت به كان له الفضل الكبير في تمكينها من الوصول إلى مستوى التحكيم الدولي وتمثيل المملكة في مختلف المحافل القارية والعالمية، مشيرة إلى أنها حملت راية المغرب بكل فخر واعتزاز في العديد من البطولات الكبرى.
عبرت الحكمة الدولية عن امتنانها العميق للثقة التي منحتها إياها الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم على مدى السنوات الماضية. أوضحت أنها قامت بمهامها التحكيمية بكل مسؤولية والتزام، ساعية دوما إلى تقديم أفضل صورة ممكنة للتحكيم المغربي في المحافل الدولية وإلى نقل الخبرات المكتسبة لتطوير هذا المجال داخل الوطن.
لكن الجزء الأكثر إثارة في رسالة الاعتزال جاء عندما تطرقت كربوبي إلى ما وصفته بالممارسات السلبية داخل المديرية التقنية الوطنية للتحكيم. أشارت بوضوح إلى أن هذه التصرفات كان لها تأثير مباشر على مسارها المهني، معتبرة أنها شكلت عائقا حقيقيا أمام تقدمها وأثرت بشكل سلبي على المبادرات والمشاريع التي كانت تسعى لتطويرها في مجال التحكيم النسوي.
حسب ما ورد في الرسالة، فإن هذه الظروف المهنية الصعبة التي واجهتها دفعتها في النهاية إلى اتخاذ قرار حاسم بإنهاء مسيرتها التحكيمية بعد سنوات من العطاء المتواصل. هذا القرار يعكس حجم المعاناة التي عاشتها خلال الفترة الأخيرة والإحباط الذي شعرت به إزاء معاملتها من طرف بعض المسؤولين في مديرية التحكيم.
لم تكتف كربوبي بالإعلان عن اعتزالها، بل ختمت رسالتها بعبارات قوية موجهة لمن اعتبرتهم مسؤولين عن تعثر مسارها المهني. اللهجة المستخدمة في نهاية الرسالة تكشف عن مستوى التوتر والصراع الذي طبع الأشهر الأخيرة من حياتها المهنية، وتعبر عن رغبتها في كشف الحقيقة أمام الرأي العام الرياضي.

أثار هذا الإعلان ردود فعل واسعة في الأوساط الرياضية المغربية، حيث تفاعل العديد من المتتبعين والمهتمين بالشأن الكروي مع الرسالة معبرين عن استيائهم من الظروف التي أدت باعتزال واحدة من أبرز الحكمات المغربيات على المستوى الدولي. البعض طالب بفتح تحقيق شامل في الادعاءات التي ساقتها كربوبي بشأن الممارسات داخل مديرية التحكيم.
تحتل بشرى كربوبي مكانة مرموقة في عالم التحكيم المغربي والعربي، حيث نجحت على مدى سنوات طويلة في فرض نفسها كواحدة من أفضل الحكمات على المستوى القاري. شاركت في تحكيم العديد من المباريات الهامة في بطولات إفريقية وعربية، وكانت نموذجا يحتذى به للمرأة المغربية في مجال اقتحمته بثقة وكفاءة.
خسارة التحكيم المغربي لحكمة بهذا المستوى والخبرة تطرح العديد من التساؤلات حول آليات تدبير قطاع التحكيم في المغرب وحول الطريقة التي يتم بها التعامل مع الكفاءات الوطنية. الأمر يستدعي وقفة جادة من المسؤولين للنظر في الأسباب العميقة التي تدفع بالطاقات المتميزة إلى الابتعاد عن الميدان.
يبقى السؤال مطروحا حول ما إذا كانت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم ستتخذ خطوات ملموسة للتحقيق في الشكاوى التي تضمنتها رسالة كربوبي، وما إذا كانت ستعمل على معالجة الاختلالات المحتملة في تدبير شؤون التحكيم لتفادي تكرار مثل هذه الحالات مستقبلا. المتتبعون ينتظرون رد فعل رسمي من الجامعة يوضح موقفها من هذا الملف الحساس.










