تكشف الأرقام الرسمية لعام 2024 عن واقع مؤلم يعيشه المواطنون المغاربة الراغبون في السفر إلى إسبانيا، حيث تحولت أحلام الكثيرين بزيارة الأراضي الإسبانية إلى خسائر مالية فادحة دون تحقيق الهدف المنشود. البيانات الصادرة عن منصة شنغن فيزا إنفو تسلط الضوء على مفارقة غريبة تجمع بين التصدر والخسارة في آن واحد.
حقق المغاربة إنجازاً من نوع خاص بوصولهم إلى المرتبة الثانية عالمياً في عدد طلبات التأشيرة المقدمة للقنصليات الإسبانية، حيث بلغ إجمالي الطلبات المسجلة خلال السنة الماضية 216,985 طلباً. جاء هذا الرقم مباشرة بعد الصين التي احتلت الصدارة في هذا التصنيف العالمي، ما يعكس الرغبة الكبيرة لدى المغاربة في التوجه نحو إسبانيا سواء للسياحة أو زيارة الأقارب أو لأغراض تجارية.
لكن خلف هذه الأرقام الكبيرة تختبئ حقيقة مرة تتمثل في معاناة حقيقية يواجهها المتقدمون المغاربة. فقد سجلت القنصليات الإسبانية رفض 47,495 طلباً مقدماً من مواطنين مغاربة، وهو العدد الأعلى على الإطلاق مقارنة بأي جنسية أخرى حول العالم. هذا الرقم الصادم لا يعكس فقط نسبة الفشل المرتفعة في الحصول على التأشيرة، بل يشير أيضاً إلى ضياع آمال عشرات الآلاف من المواطنين الذين استثمروا وقتهم وجهدهم في تحضير الملفات المطلوبة.
الجانب الأكثر إيلاماً في هذه المعادلة يتجلى في البعد المالي للقضية. كل طلب تأشيرة مرفوض يعني خسارة الرسوم المدفوعة مسبقاً دون أي إمكانية لاسترجاعها. وعند حساب التكلفة الإجمالية لجميع الطلبات المرفوضة، تظهر الصورة بشكل أوضح، حيث بلغت الخسائر المالية للمغاربة نحو 3,799,600 أورو. هذا المبلغ الضخم يضع المغرب في موقع غير محسود، إذ أصبح المواطنون المغاربة الأكثر إنفاقاً على قرارات الرفض المتعلقة بالتأشيرات الإسبانية على مستوى العالم.
تأتي هذه المعطيات في سياق أوسع يشهد فيه الطلب على التأشيرات الإسبانية ارتفاعاً ملحوظاً. فقد تجاوز إجمالي الطلبات المقدمة للقنصليات الإسبانية حاجز 1.6 مليون طلب خلال العام الماضي، ما يجعل إسبانيا ثاني أكبر دولة أوروبية تستقبل طلبات تأشيرة شنغن بعد فرنسا. هذا الإقبال الكبير يعني منافسة شديدة ومعايير صارمة في دراسة الطلبات، الأمر الذي قد يفسر جزئياً ارتفاع نسب الرفض.
رغم أن الصين تصدرت قائمة الدول من حيث العدد الإجمالي للطلبات، إلا أن التحدي الأكبر يبقى أمام المتقدمين المغاربة في فهم أسباب الرفض المتكررة والعمل على تحسين ملفاتهم. البيانات تشير إلى أن معدل الرفض للمغاربة يقترب من النسب المسجلة للمتقدمين الباكستانيين الذين يواجهون أعلى نسبة رفض مئوية تصل إلى 35.10%.










