شهدت المحاكم الفرنسية صدور حكم قضائي استثنائي يعتبر الأول من نوعه في تاريخ البلاد، حيث قضت هيئة المحكمة بالسجن المؤبد دون أي إمكانية للإفراج المشروط على المواطنة الجزائرية ذهبية بن كريد. هذا الحكم القاسي جاء بعد ثبوت تورطها في واحدة من أبشع الجرائم التي عرفتها فرنسا خلال السنوات الأخيرة، والتي راحت ضحيتها طفلة لم تتجاوز الثانية عشرة من عمرها.
تمثل هذه العقوبة سابقة قضائية في النظام القانوني الفرنسي، إذ لم يسبق أن صدر حكم بهذه الصرامة ضد امرأة في تاريخ القضاء الفرنسي. العقوبة التي فرضتها المحكمة تعكس فظاعة الأفعال المرتكبة وبشاعة الجريمة التي هزت الضمير الجماعي للمجتمع الفرنسي وأثارت موجة من الغضب والاستنكار الواسعة.
تعود تفاصيل هذه الجريمة المروعة إلى الرابع عشر من أكتوبر عام 2022، عندما كانت المتهمة تمر بظروف حياتية صعبة حيث فقدت مسكنها وكانت تعمل في مجال الدعارة لتأمين قوتها اليومي. في ذلك اليوم المشؤوم، وبعد خلاف عنيف مع شريكها السابق الذي يدعى مصطفى، اختطفت الطفلة لولا دافييه وأخذتها إلى شقتها مدفوعة بمشاعر الغضب الجامح والرغبة في الانتقام من شخص آخر.
ما حدث داخل تلك الشقة يفوق الوصف من حيث الوحشية والقسوة، حيث تعرضت الطفلة البريئة لأبشع أنواع المعاملة اللاإنسانية. بدأت المعتدية بالاعتداء الجنسي على الضحية الصغيرة وأجبرتها على ممارسة أفعال فاحشة، قبل أن تتصاعد وتيرة العنف لتصل إلى مستويات لا يمكن تصورها. قامت بضرب رأس الطفلة على جدار الحمام بقوة شديدة، ثم استخدمت شريطاً لاصقاً لخنقها، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل تابعت اعتداءها باستخدام السكاكين والمقص لطعن الضحية مرات عديدة.
التقرير الطبي الشرعي الذي أعده الأطباء المختصون كشف عن مدى المعاناة التي تعرضت لها الطفلة خلال لحظاتها الأخيرة. أظهر الفحص أن الضحية عانت من الاختناق ونزيف داخلي حاد إضافة إلى الاعتداء الجنسي الذي تعرضت له وهي على قيد الحياة. الفحص الدقيق للجثة أظهر وجود عشرات الجروح العميقة والطعنات المنتشرة على مختلف أنحاء جسدها الصغير، خاصة في منطقة الوجه والظهر والرقبة، ما يدل على مدى الوحشية التي تعاملت بها المتهمة مع ضحيتها.
بعد ارتكاب هذه الجريمة البشعة، حاولت المتهمة التخلص من الجثة بطريقة تظهر برودة أعصاب مخيفة. قامت بوضع جسد الطفلة داخل حقيبة سفر كبيرة الحجم وجرتها عبر شوارع العاصمة باريس لمسافات طويلة قبل أن تتخلى عنها في إحدى الأزقة. اكتشف الجثة أحد المشردين الذين يعيشون في الشوارع، والذي سارع بإبلاغ السلطات على الفور، لتبدأ بعدها عملية تحقيق مكثفة أدت في النهاية إلى القبض على الجانية.
خلال جلسات المحاكمة التي تابعها الرأي العام الفرنسي باهتمام كبير، حاولت المتهمة إبداء الندم على ما اقترفته من جرائم مروعة. وقفت أمام القضاة قائلة إنها تطلب المغفرة وتعترف بأن ما فعلته كان فظيعاً ولا يمكن تبريره بأي شكل من الأشكال. لكن هذا الندم المتأخر لم يجد صدى لدى والدة الضحية التي حضرت الجلسات بألم شديد، حيث رفضت بشكل قاطع أي شكل من أشكال التساهل مع القاتلة وطالبت المحكمة بفرض أقصى العقوبات الممكنة، مؤكدة أن العدالة الحقيقية تقتضي سجن المتهمة مدى الحياة دون أي أمل في الخروج.
استجابت هيئة المحكمة لمطالب عائلة الضحية وأصدرت حكماً يعكس خطورة الجريمة المرتكبة، حيث قضت بالسجن المؤبد الحقيقي دون إمكانية طلب الإفراج المشروط مستقبلاً.










