تحولت بلدة إيبي الواقعة في مقاطعة أليكانتي بجنوب شرق إسبانيا إلى مسرح لواحد من أكثر الاحتفالات غرابة وتميزاً في العالم، حيث شهدت يوم الأحد الماضي النسخة الجديدة من مهرجان إلس إنفاريناتس التقليدي الذي تحول خلاله البيض والدقيق إلى أدوات للمرح والاحتفال في تقليد يعود لأكثر من قرنين من الزمن.
احتفل سكان إيبي بهذا المهرجان العريق الذي يمتد تاريخه لحوالي 200 عام، ويعتبر من التقاليد المتوارثة عبر الأجيال في هذه المنطقة من إسبانيا. يقام هذا الاحتفال السنوي بشكل منتظم في الثامن والعشرين من ديسمبر، مما يجعله جزءاً من احتفالات نهاية العام التي تتسم بالبهجة والمرح.
أظهرت مقاطع الفيديو المتداولة من المهرجان مشاهد مذهلة للمشاركين وهم يتراشقون بالبيض والدقيق في أجواء احتفالية تسودها الفوضى المنظمة، حيث تحولت شوارع وساحات البلدة إلى ما يشبه ساحة معركة بيضاء مغطاة بالدقيق وقشور البيض، في منظر يثير الدهشة والإعجاب في آن واحد.
يرتدي المحتفلون أزياء ذات طابع عسكري مميز لينفذوا ما يشبه الانقلاب التمثيلي، حيث يتولون رمزياً السلطة في البلدة من شروق الشمس حتى غروبها. خلال هذه الفترة، يضع المشاركون قواعد خاصة بهم، وأي شخص يخالف هذه القواعد الرمزية يلزم بدفع غرامة مالية، لكن هذه الغرامات لا تذهب سدى بل تخصص بالكامل للأعمال الخيرية، مما يضفي بعداً إنسانياً نبيلاً على هذا الاحتفال المرح.
يعتقد المؤرخون والباحثون في التقاليد الشعبية أن عمر هذا المهرجان يتجاوز 200 عام، ورغم مرور كل هذه السنوات، لا يزال إلس إنفاريناتس واحداً من أكثر التقاليد الشتوية الإسبانية غرابة واستمراراً عبر الزمن. يمزج هذا الاحتفال بشكل فريد بين عناصر السخرية والفوضى المنظمة وروح المجتمع المتلاحمة، مما يجعله تجربة ثقافية واجتماعية فريدة من نوعها.
تشتهر إسبانيا بعدد كبير من المهرجانات الترفيهية غير التقليدية التي تجذب السياح من مختلف أنحاء العالم، ولعل أكثرها شهرة وإثارة مهرجان لا توماتينا السنوي الذي يعرف أيضاً باسم مهرجان الطماطم. يحرص آلاف الأشخاص على حضور هذا المهرجان للمشاركة في اللهو برمي الطماطم على بعضهم البعض في مشهد احتفالي صاخب يعكس الروح الإسبانية المرحة والمحبة للحياة.
تمثل هذه المهرجانات الفريدة جزءاً مهماً من الهوية الثقافية الإسبانية وتراثها الشعبي الغني، وتساهم في جذب السياحة الثقافية وتعزيز الاقتصاد المحلي، بينما تحافظ في الوقت ذاته على التقاليد القديمة وتنقلها للأجيال الجديدة بطريقة حيوية ومفعمة بالحياة.










