حققت مدينة الصويرة المغربية إنجازاً استثنائياً على الصعيد الدولي بحصولها على حق استضافة الدورة الثامنة عشرة من المؤتمر السنوي لشبكة المدن الإبداعية التابعة لمنظمة اليونسكو، والمقرر عقده في العام 2026. هذا الاختيار يضع المدينة الساحلية في موقع تاريخي مميز كونها الأولى من نوعها في القارة الإفريقية والعالم العربي التي تنال هذا الشرف الرفيع.
جاء هذا القرار المهم بعد عملية تصويت إلكترونية شاركت فيها جميع المدن الأعضاء في الشبكة العالمية، حيث تمكنت الصويرة من الحصول على أعلى نسبة تأييد بين المدن المتنافسة على الاستضافة. هذا الفوز يعكس المكانة المتميزة التي تحتلها المدينة في المشهد الثقافي والإبداعي الدولي، وقدرتها على تقديم تجربة فريدة ومتميزة للمشاركين من مختلف أنحاء العالم.
منذ انضمامها الرسمي لشبكة المدن الإبداعية عام 2019 كمدينة متخصصة في مجال الموسيقى، نجحت الصويرة في ترسيخ مكانتها كمركز إشعاع ثقافي وإبداعي متميز. المدينة استطاعت أن تطور نموذجاً فريداً يجمع بين الحفاظ على التراث الأصيل والانفتاح على التيارات الموسيقية العالمية المعاصرة، مما خلق مزيجاً استثنائياً يجذب الفنانين والموسيقيين من جميع القارات.
تبرز الصويرة كواحة إبداعية حقيقية من خلال تنظيمها لمهرجانات موسيقية عالمية المستوى، أبرزها مهرجان كناوة وموسيقى العالم الذي يعتبر من أهم التظاهرات الثقافية في المنطقة. إلى جانب ذلك، يساهم مهرجان الجاز تحت شجر الأركان في تعزيز الهوية الموسيقية المتنوعة للمدينة، حيث تلتقي الألحان التقليدية المحلية مع أنغام الجاز العالمية في انسجام مذهل.
تتميز الصويرة بنسيجها الثقافي المعقد والغني، حيث تتداخل التقاليد الأمازيغية والعربية والإفريقية مع التأثيرات الأندلسية والأوروبية، مما يخلق هوية ثقافية متعددة الأبعاد ومتفردة في طابعها. هذا التنوع الثقافي الاستثنائي جعل من المدينة نموذجاً يُحتذى به في مجال الحوار بين الثقافات والتبادل الحضاري.
المؤتمر السنوي للمدن الإبداعية يشكل منصة عالمية حيوية تجمع 350 مدينة عضو من مختلف القارات، بهدف تسهيل تبادل التجارب الناجحة وتعزيز أشكال التعاون الدولي في مجالات الثقافة والتنمية الحضرية المستدامة. هذا اللقاء السنوي يعتبر فرصة ذهبية لصانعي السياسات والمبدعين والخبراء لاستكشاف الحلول المبتكرة للتحديات الحضرية المعاصرة.
بينما لم تكشف منظمة اليونسكو بعد عن الموضوع المحوري للدورة المقررة في الصويرة، فإن التوقعات تشير إلى تركيز خاص على الاستدامة في السياسات الداعمة للصناعات الثقافية والإبداعية على المستوى المحلي. هذا التوجه يتماشى مع الرؤية المغربية للتنمية المستدامة التي تضع الثقافة في قلب استراتيجيات التطوير الحضري.
استضافة الصويرة لهذا المؤتمر الدولي المرموق ستتيح فرصة استثنائية لتسليط الأضواء العالمية على ثراء التراث الثقافي المغربي وحيوية المشهد الإبداعي المحلي. كما ستساهم في تعزيز مكانة المملكة المغربية كوجهة ثقافية وسياحية متميزة على الخريطة العالمية، وتفتح آفاقاً جديدة للتعاون الثقافي والاقتصادي مع مختلف دول العالم.