شهدت العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وفرنسا تطوراً مهماً خلال الزيارة الرسمية التي قامت بها السفيرة الفرنسية نادية هاي، المكلفة بملف البحر المتوسط، إلى المملكة المغربية. امتدت هذه الزيارة الاستراتيجية على مدى أربعة أيام من 14 إلى 17 يوليو، وهدفت إلى ترسيخ أسس التعاون المشترك وفتح مسارات جديدة للشراكة بين البلدين الشقيقين.
استقبلت العاصمة الرباط السفيرة نادية هاي في مهمة دبلوماسية شاملة تضمنت لقاءات رفيعة المستوى مع كبار المسؤولين في الحكومة المغربية. تصدرت هذه اللقاءات جلسة عمل مع وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير وسياسة المدينة فاطمة الزهراء المنصوري، حيث ناقش الطرفان استراتيجيات التطوير الحضري والتخطيط المجالي المستدام.
كما عقدت السفيرة الفرنسية اجتماعاً مثمراً مع وزير الشباب والثقافة والتواصل محمد مهدي بنسعيد، تركز على تعزيز التبادل الثقافي والحضاري بين الشعبين المغربي والفرنسي. هذا اللقاء أبرز أهمية الثقافة كجسر للتواصل وتقوية أواصر الصداقة التاريخية بين البلدين.
شملت جولة اللقاءات الرسمية أيضاً جلسة عمل مع وزيرة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة أمل الفلاح سغروشني، حيث استكشف الطرفان إمكانيات التعاون في مجال التكنولوجيا الرقمية والابتكار التقني. هذا التعاون يعكس رؤية مشتركة نحو مستقبل رقمي متطور يخدم مصالح الدولتين.
تضمنت أجندة السفيرة نادية هاي كذلك لقاءً استراتيجياً مع وزير التجهيز والماء نزار بركة، تناول قضايا البنية التحتية وإدارة الموارد المائية. هذا الحوار يأتي في ظل تحديات بيئية ومناخية مشتركة تتطلب تنسيقاً وثيقاً بين دول المتوسط.
ركزت المناقشات الثنائية على استكشاف التحديات المشتركة في الفضاء المتوسطي، خاصة تلك المرتبطة بالتنمية المستدامة والتبادل الحضاري. كما تطرقت الحوارات إلى آفاق التحول الرقمي وضرورة تطوير البنية التحتية لمواكبة التطورات التكنولوجية العالمية.
انتقلت السفيرة الفرنسية إلى العاصمة الاقتصادية الدار البيضاء لتوسيع نطاق مهمتها الدبلوماسية إلى الجانب التجاري والاستثماري. هناك التقت بنخبة من رجال الأعمال والمستثمرين في القطاع الخاص، مما يعكس الاهتمام الفرنسي بتنمية الروابط الاقتصادية مع المغرب.
تهدف هذه اللقاءات مع الفاعلين الاقتصاديين إلى تقوية الشراكات التجارية الموجودة وخلق فرص استثمارية جديدة تخدم التنمية الاقتصادية في كلا البلدين. هذا التوجه يؤكد الرؤية الشاملة للتعاون الفرنسي المغربي الذي يشمل الأبعاد السياسية والاقتصادية والثقافية.
تأتي هذه الزيارة في سياق تاريخي مهم يشهد تعافي العلاقات الثنائية بعد فترة من التوترات الدبلوماسية. الحوار المتجدد بين باريس والرباط يعكس إرادة مشتركة لتجاوز الخلافات السابقة والبناء على أسس صلبة من التعاون المتبادل.
تكتسب هذه المبادرة الدبلوماسية أهمية خاصة في ضوء التصريحات الرسمية الفرنسية الأخيرة الداعمة لوحدة المغرب الترابية. هذا الموقف الفرنسي الواضح يفتح المجال أمام تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين على جميع المستويات.
تمثل زيارة السفيرة نادية هاي خطوة مهمة نحو ترسيخ علاقة دبلوماسية جديدة قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة. هذا التطور الإيجابي يبشر بمستقبل واعد للتعاون الفرنسي المغربي في مختلف المجالات الحيوية.