شهدت الطرقات الحضرية بالمملكة المغربية حصيلة مأساوية جديدة خلال الفترة الممتدة بين 27 أكتوبر ومطلع شهر نونبر من العام الجاري، حيث أودت حوادث المرور بحياة 24 شخصا، في حين تعرض أكثر من ثلاثة آلاف ومئتين وثمانين مواطنا لإصابات متفاوتة الخطورة.
أظهرت الإحصائيات الرسمية الصادرة عن المديرية العامة للأمن الوطني أن الحوادث المرورية المسجلة داخل النطاق الحضري بلغت 2390 حادثة خلال هذا الأسبوع فقط، مما يعكس خطورة الوضع على مستوى السلامة الطرقية بالمناطق الحضرية. من بين المصابين، كانت حالات 143 شخصا حرجة وتطلبت تدخلا طبيا عاجلا نظرا لخطورة الجروح التي أصيبوا بها.
عند تحليل الأسباب الكامنة وراء هذه الكارثة الطرقية المتكررة، أشارت السلطات المعنية إلى أن غياب التركيز لدى السائقين يأتي في مقدمة العوامل المسببة لهذه الحوادث، يليه مباشرة عدم احترام قواعد الأولوية عند التقاطعات الطرقية. كما تساهم السرعة الزائدة بشكل كبير في وقوع هذه المآسي اليومية على الطرقات، إضافة إلى عدم ترك المسافة الآمنة بين المركبات، وهو ما يزيد من احتمالية التصادمات وخطورتها.
لم يقتصر الأمر على سلوكيات السائقين فحسب، بل يتحمل المشاة أيضا جزءا من المسؤولية حين يفتقدون للانتباه الكافي أثناء عبور الطرقات، مما يضعهم في مواجهة مباشرة مع خطر الدهس. من جهة أخرى، تسجل السلطات المختصة حالات عديدة من فقدان السيطرة على المركبات، وتجاهل إشارة الوقوف الإجباري، بالإضافة إلى تغيير الاتجاه دون استخدام الإشارات التحذيرية، وهي كلها تصرفات تنذر بوقوع كوارث محتملة.
تشمل القائمة الطويلة للمخالفات أيضا قيام بعض السائقين بتغيير مسارهم بطريقة غير قانونية، والسير عكس الاتجاه المحدد، وتجاهل الضوء الأحمر للإشارة الضوئية، والقيادة تحت تأثير الكحول، والسير في الجانب الأيسر من الطريق خلافا للقانون، فضلا عن المناورات الخطيرة أثناء عمليات التجاوز.
في إطار الجهود المبذولة لمكافحة هذه الظاهرة المقلقة، كثفت مصالح الأمن الوطني من عمليات المراقبة والضبط الميداني خلال نفس الفترة، مما أسفر عن رصد قرابة خمسين ألف مخالفة مرورية متنوعة. تم على إثر ذلك تحرير أكثر من ثمانية آلاف وسبعمئة محضر إداري أحيلت جميعها إلى النيابة العامة للمتابعة القضائية، بينما استخلصت السلطات أكثر من 41 ألف غرامة صلحية من المخالفين.
بلغت قيمة المبالغ المحصلة من الغرامات المالية ما يقارب تسعة ملايين درهم، في حين تم حجز أكثر من أربعة آلاف وستمئة مركبة ووضعها بالمحجز البلدي لمخالفتها القوانين المرورية. كما شملت الإجراءات العقابية سحب أكثر من ثمانية آلاف وسبعمئة وثيقة من وثائق السياقة والتسجيل، بينما خضعت 553 مركبة للإيقاف الفوري عن السير نظرا لخطورة المخالفات المرتكبة أو لعدم صلاحيتها التقنية.
تعكس هذه الأرقام المقلقة حجم التحدي الذي تواجهه السلطات المغربية في مجال السلامة الطرقية، وتستدعي تضافر الجهود بين مختلف الجهات المعنية لتطوير استراتيجيات أكثر فعالية للحد من هذه الظاهرة التي تحصد أرواح المواطنين بشكل شبه يومي على الطرقات الحضرية.










