اتخذت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية قرارا تنظيميا جديدا يهدف إلى تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين داخل المؤسسات الاستشفائية، من خلال دورية رسمية وجهتها إلى مدراء المجموعات الصحية الجهوية عبر مختلف أنحاء المملكة. جاءت هذه الدورية لتضع حدا نهائيا لممارسة شائعة كانت تثير استياء المرتفقين، وهي تكليف رجال الأمن الخاص أو فئات مهنية أخرى غير مؤهلة بمهام استقبال وتوجيه المواطنين داخل المستشفيات.
تؤكد الدورية الوزارية، التي حصلت عليها مصادر إعلامية، على أهمية وظيفة الاستقبال باعتبارها حلقة محورية في المنظومة الصحية وعنصرا أساسيا في ضمان جودة الخدمات المقدمة للمرضى والمرافقين. من هذا المنطلق، شددت الوزارة على ضرورة إسناد هذه المهام حصريا إلى موظفين مكونين ومؤهلين خصيصا للقيام بوظائف الاستقبال والتوجيه، بما يضمن تعاملا مهنيا ولائقا مع المواطنين.
يأتي هذا القرار ليضع حدا واضحا لتوظيف عمال النظافة أو رجال الأمن الخاص أو عمال الصيانة في نقاط الاستقبال، وهي ممارسة كانت منتشرة في بعض المستشفيات رغم أن هؤلاء الموظفين غير مدربين على التعامل مع المرضى أو تقديم المعلومات الضرورية لهم. كان هذا الوضع يخلق إشكالات متعددة تتعلق بسوء التوجيه أو غياب المعلومة الدقيقة، ما ينعكس سلبا على تجربة المريض داخل المؤسسة الصحية.
تندرج هذه الخطوة ضمن مسعى أوسع تتبناه الوزارة يهدف إلى إعادة تنظيم وتوحيد منهجية الاستقبال على المستوى الوطني. سيتم ذلك من خلال اعتماد دليل مرجعي خاص بمعايير الاستقبال، سيعمم قريبا على جميع المستشفيات والمراكز الصحية التابعة للقطاع العام. يهدف هذا الدليل إلى ضمان تعامل موحد ومهني مع المواطنين في كافة المؤسسات الصحية، بغض النظر عن موقعها الجغرافي أو حجمها.
ألزمت الوزارة أيضا المجموعات الصحية الجهوية بتعيين فرق استقبال مؤهلة تكون متواجدة بشكل مستمر طوال ساعات عمل المستشفى. يأتي ذلك لتفادي ترك نقاط الاستقبال دون تغطية في أوقات معينة، وهو ما كان يحدث أحيانا ويترك المرضى في حالة من التيه داخل أروقة المستشفيات دون أن يجدوا من يرشدهم إلى الوجهة الصحيحة.
كما شددت الدورية على ضرورة رفع المجموعات الصحية لتقارير دورية ومنتظمة حول سير عملية الاستقبال ومستوى جودة الخدمات المقدمة للمرتفقين. تهدف هذه التقارير إلى تمكين الوزارة من متابعة تنفيذ هذه الإجراءات على أرض الواقع، وتحديد النواقص والإشكالات التي قد تطرأ من أجل معالجتها بشكل سريع وفعال.
تأتي هذه الإجراءات في سياق التوجه العام لوزارة الصحة نحو تجويد الخدمات الصحية وتحسين علاقة المواطن بالمؤسسات الاستشفائية، والتي غالبا ما كانت محل انتقادات بسبب سوء التنظيم وضعف التواصل مع المرتفقين. يندرج هذا القرار ضمن الأوراش الإصلاحية الكبرى التي تشهدها منظومة الصحة بالمملكة، والتي تسعى إلى الارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة للمواطنين وجعل المستشفيات فضاءات مريحة وفعالة تضع المريض في صلب اهتماماتها.
يبقى نجاح هذه المبادرة مرهونا بمدى التزام المجموعات الصحية الجهوية بتطبيق التوجيهات الوزارية بشكل صارم، وتوفير الموارد البشرية المؤهلة اللازمة لضمان استقبال لائق ومهني للمواطنين في جميع المؤسسات الصحية عبر التراب الوطني.










