قرر وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالجديدة يوم الخميس إيداع الستريمر المثير للجدل إلياس المالكي السجن المحلي، وذلك بعد توقيفه يوم الاثنين الماضي على خلفية شكايات قانونية متعددة. تم تحديد أولى جلسات محاكمته ليوم الجمعة في قضية أثارت جدلا واسعا على منصات التواصل الاجتماعي وبين المتتبعين للشأن القانوني والإعلامي.
جاء توقيف المالكي بناء على شكايات تقدمت بها هيئات نقابية ومدنية تمثل سائقي سيارات الأجرة الصغيرة والكبيرة، وذلك بسبب تصريحات نشرها عبر منصاته الرقمية اعتبرت مسيئة ومهينة لهذه الفئة المهنية. التصريحات المثيرة للجدل أغضبت المئات من سائقي الأجرة الذين رأوا فيها تجاوزا خطيرا واستهدافا غير مبرر لمهنتهم وكرامتهم.
خلال عملية التفتيش التي أجرتها الضابطة القضائية في منزل المشتبه فيه، تم العثور بحوزته على لفافات من مخدر الحشيش، وهو ما أضاف بعدا جنائيا جديدا للقضية. رغم أن المالكي نفى استعمال هذه المواد المخدرة، إلا أن مجرد حيازتها يشكل جرما يعاقب عليه القانون بعقوبات صارمة.
تشمل لائحة الاتهامات الموجهة إلى إلياس المالكي مجموعة من التهم الثقيلة التي تعكس خطورة الأفعال المنسوبة إليه. من بين هذه التهم نشر ادعاءات كاذبة بهدف الإضرار بالغير، وهي جريمة تستهدف حماية الحقيقة والنظام العام من الأخبار المضللة التي قد تسبب بلبلة اجتماعية.
كما يتابع المتهم بتهمة السب والقذف في حق شخص وهيئة منظمة، وهي جريمة تعاقب عليها مدونة الصحافة والنشر والقانون الجنائي بعقوبات حبسية وغرامات مالية. هذه التهمة تتعلق بالتصريحات التي أدلى بها ضد سائقي الأجرة والتي اعتبرت تشويها لسمعتهم ومساسا بكرامتهم.
تتضمن لائحة الاتهامات أيضا تهما تتعلق بالعري والإخلال العلني بالحياء العام، إضافة إلى جنحتي الدعارة والفساد. هذه التهم الأخلاقية تضيف بعدا آخر للقضية وتعكس طبيعة المحتوى الذي كان ينشره المتهم على منصاته الرقمية والذي اعتبرته السلطات مخلا بالآداب العامة والقيم المجتمعية.
دخلت أسرة إلياس المالكي في مفاوضات مع النقابات المعنية محاولة احتواء الأزمة وتخفيف العواقب القانونية على ابنهم. تتحدث أنباء غير مؤكدة عن حصول الأسرة على تنازل من بعض الأطراف الشاكية بعد تقديم اعتذار رسمي عن التصريحات المسيئة المنسوبة إلى إلياس.
غير أن الحصول على تنازل من الأطراف المدنية لا يعني بالضرورة إسقاط جميع التهم، خاصة تلك المتعلقة بالنظام العام مثل حيازة المخدرات والإخلال بالحياء العام، والتي تتابع فيها النيابة العامة المتهم بصفة تلقائية بغض النظر عن رغبة الضحايا. هذه التهم تبقى قائمة حتى لو تنازلت جميع الأطراف الشاكية.
تثير هذه القضية نقاشا واسعا حول حدود حرية التعبير على منصات التواصل الاجتماعي والمسؤولية القانونية للمؤثرين الرقميين عن المحتوى الذي ينشرونه. الخط الفاصل بين حرية الرأي والتجاوزات التي تستوجب المتابعة القانونية يظل موضوعا جدليا يحتاج إلى توضيح قانوني وتوعية اجتماعية.
يترقب المتابعون للقضية بشغف كبير جلسة المحاكمة المقررة ليوم الجمعة، حيث سيمثل المتهم أمام القضاء للإجابة عن التهم الموجهة إليه. من المنتظر أن تكون الجلسة حاسمة في تحديد مسار القضية وما إذا كانت النيابة العامة ستطلب عقوبات مشددة أم ستأخذ في الاعتبار الظروف المخففة المحتملة.
تسلط هذه القضية الضوء على ظاهرة الستريمرز المثيرين للجدل في المغرب، الذين يسعون لجذب المشاهدات والمتابعات من خلال محتوى استفزازي أو مخالف للقانون والآداب العامة. هذه الظاهرة تطرح تساؤلات حول دور المنصات الرقمية في مراقبة المحتوى ومسؤولية المستخدمين عن تصرفاتهم الإلكترونية.
من الناحية القانونية، فإن الأدلة المادية المتمثلة في المخدرات المحجوزة والتسجيلات المصورة للتصريحات المسيئة تشكل عبئا ثقيلا على دفاع المتهم. سيكون على محاميه إيجاد استراتيجية دفاعية قوية للتخفيف من العقوبات المحتملة أو محاولة إثبات عدم توافر القصد الجنائي في بعض التهم.
تبقى نتيجة المحاكمة مرهونة بما ستقدمه النيابة العامة من أدلة وما سيقدمه الدفاع من حجج، إضافة إلى تقدير القاضي لخطورة الأفعال المرتكبة ومدى تأثيرها على النظام العام والآداب العامة. العقوبات المحتملة تتراوح بين الغرامات المالية والسجن لمدد قد تصل إلى عدة سنوات حسب خطورة كل تهمة على حدة.










