أعلن عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، أن المؤشرات الاقتصادية الدولية تشير بوضوح إلى أن الاقتصاد العالمي مرشح لمواصلة مساره التنازلي ودخول مرحلة ممتدة من التباطؤ خلال الفترة المقبلة في ظل استمرار الضغوط الناجمة عن التوترات الجيوسياسية المتصاعدة والتشديد المالي الذي تفرضه المؤسسات النقدية الكبرى على المستوى الدولي. هذه العوامل المجتمعة تخلق بيئة اقتصادية صعبة تحد من قدرة الدول على تحقيق معدلات نمو قوية ومستدامة.
الجواهري أوضح أن هذه الظروف المعقدة تكبح جماح الانتعاش الاقتصادي المأمول وتؤثر بشكل مباشر وملموس على دينامية النمو في العديد من الاقتصادات الكبرى التي تعتبر محركات رئيسية للاقتصاد العالمي. الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين وغيرها من القوى الاقتصادية الكبرى تواجه تحديات متعددة الأبعاد تجعل من الصعب تحقيق معدلات النمو التي كانت سائدة في الفترات السابقة قبل الأزمات المتتالية.
خلال لقاء صحافي نظم بالعاصمة الرباط خصص لعرض قرارات السياسة النقدية الأخيرة، أشار والي بنك المغرب إلى أن التحسن المنتظر في أداء الاقتصاد العالمي لن يكون قريبا أو سريعا كما يأمل البعض، متوقعا أن يظل محدودا ومتواضعا إلى حين توفر شروط أكثر ملاءمة واستقرارا على الساحة الدولية. هذه الشروط تشمل بالأساس تراجع معدلات التضخم التي لا تزال مرتفعة في عدد من الاقتصادات المتقدمة، وكذلك تخفيف السياسات النقدية التقييدية الصارمة التي تتبناها البنوك المركزية الكبرى مثل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والبنك المركزي الأوروبي في محاولة لكبح جماح التضخم.
والي بنك المغرب شدد على أن هذه المعطيات الخارجية تمثل عنصرا جوهريا وحاسما في عملية تقييم الظرفية الاقتصادية الوطنية وصياغة السياسات المناسبة لها، مؤكدا على ضرورة مراقبة تطورات الاقتصاد العالمي عن كثب وأخذها بعين الاعتبار بشكل دقيق عند اتخاذ قرارات السياسة النقدية المحلية. هذا النهج الحذر يهدف إلى ضمان الحفاظ على التوازنات الاقتصادية الكبرى والاستقرار المالي داخل المملكة رغم الاضطرابات والتقلبات التي تشهدها الأسواق العالمية.
التوقعات المستقبلية تشير إلى أن الاقتصاد العالمي لن يشهد انفراجا حقيقيا قبل سنة 2027 على أقرب تقدير، وهو ما يتطلب من صناع القرار في مختلف الدول اعتماد استراتيجيات طويلة المدى تأخذ في الحسبان هذا الواقع الصعب وتعمل على تحصين الاقتصادات الوطنية من التداعيات السلبية المحتملة. المغرب كغيره من الدول الناشئة يجد نفسه أمام ضرورة التكيف مع هذه المعطيات الدولية المعقدة من خلال سياسات اقتصادية مرنة وحكيمة تضمن حماية مكتسبات النمو وتعزيز المناعة الاقتصادية في مواجهة الصدمات الخارجية المتوقعة.











