استضاف وزير الداخلية السبت الماضي في العاصمة الرباط سلسلة من اللقاءات التشاورية مع ممثلي كافة التشكيلات السياسية الوطنية، وذلك في إطار الإعداد للاستحقاق التشريعي المقبل المتعلق بتجديد عضوية مجلس النواب عام 2026. هذه المبادرة التشاورية تأتي تجسيدا مباشرا للتعليمات الملكية السامية التي وردت في الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش في 29 يوليوز الماضي.
الخطاب الملكي الذي ألقاه جلالة الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى السادسة والعشرين لاعتلائه العرش تضمن إعلانا واضحا عن موعد إجراء الانتخابات التشريعية في توقيتها الدستوري والقانوني المحدد. جلالة الملك أكد على ضرورة إعداد وإقرار الإطار التنظيمي الشامل للعملية الانتخابية قبل انتهاء العام الحالي، مع تكليف وزارة الداخلية بضمان التنظيم الأمثل للاستحقاق الديمقراطي القادم.
روح التشاور والحوار البناء طبعت أجواء هذين اللقاءين المتتاليين، حيث أبدى قادة مختلف الأحزاب السياسية إعجابهم وتقديرهم للقرار الملكي بالشروع في التحضيرات المبكرة للانتخابات عبر إشراك جميع الفاعلين المعنيين. هذا المنهج يعكس الأسلوب الملكي المعتاد في تدبير المحطات الوطنية الكبرى القائم على المشاورة والحوار المثمر.
النقاشات التي دارت خلال الاجتماعات تناولت المحاور الأساسية المرتبطة بالبناء العام للانتخابات التشريعية المقبلة في مناخ تميز بالمسؤولية والإرادة المشتركة لجعل هذا الموعد الديمقراطي محطة بارزة لتعزيز النموذج الانتخابي المغربي المتميز. هذا التوجه يندرج ضمن الاختيار الديمقراطي الذي يشرف عليه جلالة الملك محمد السادس بحكمة وتبصر كراع للمؤسسات الديمقراطية في المملكة.
المداولات البناءة التي شهدتها هذه اللقاءات أفضت إلى اتفاق مهم يقضي بقيام الأحزاب السياسية بتقديم مقترحاتها حول الإطار التنظيمي للانتخابات التشريعية لعام 2026 إلى وزارة الداخلية في موعد أقصاه نهاية شهر أغسطس الجاري. هذا الإجراء يهدف إلى دراسة هذه المقترحات والتوصل إلى توافق حول التدابير التشريعية اللازمة التي ستتم صياغتها وعرضها على المسطرة البرلمانية خلال الدورة الخريفية القادمة.
الهدف من هذا التوقيت المحدد هو ضمان إخراج الإطار القانوني الجديد إلى الوجود قبل نهاية السنة الحالية، وذلك تماشيا مع التوجيهات الملكية السامية. هذا المسار التشاوري يؤكد الحرص على بناء توافق واسع حول القواعد التي ستحكم العملية الانتخابية المقبلة، مما يعزز من مصداقية وشفافية النظام الانتخابي المغربي.
المبادرة الحكومية بفتح باب المشاورات مع مختلف القوى السياسية تعكس النضج الديمقراطي المغربي والحرص على إشراك جميع الفاعلين في رسم ملامح الاستحقاق الديمقراطي القادم. هذا النهج التشاركي يساهم في تعزيز الثقة في المؤسسات الانتخابية ويضمن مشاركة واسعة وفعالة في العملية الديمقراطية.