أعلن رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش عن خطط طموحة لتحويل المملكة إلى مركز تكنولوجي إقليمي رائد، وذلك خلال مراسم افتتاح مركز البحث والتطوير الجديد لشركة أوراكل المغرب في الدار البيضاء.
جاءت تصريحات أخنوش في إطار تفعيل الاستراتيجية الوطنية المغرب الرقمي 2030 التي أطلقتها الحكومة في سبتمبر الماضي. هذه الاستراتيجية الشاملة تهدف إلى جعل التكنولوجيا الرقمية محوراً أساسياً في التنمية المجتمعية، انسجاماً مع التوجيهات الملكية السامية لجلالة الملك محمد السادس.
تمثل الشراكة مع شركة أوراكل العالمية نموذجاً مثالياً للتعاون بين القطاعين العام والخاص في المجال التكنولوجي. فقد شهدت العلاقات بين المغرب والشركة الأمريكية تطوراً ملحوظاً منذ زيارة الرئيسة المديرة العامة لأوراكل إلى المملكة عام 2022، والتي تُوجت بتوقيع اتفاقية شراكة استراتيجية بعد عامين من المفاوضات المكثفة.
يحمل المركز الجديد آفاقاً واعدة لسوق العمل المغربي، حيث من المتوقع أن يوفر فرص عمل لأكثر من 1000 مهندس مغربي بحلول عام 2027. الأهم من ذلك أن 40% من هذه الوظائف ستكون خارج المحور التقليدي الدار البيضاء-الرباط، مما يساهم في تحقيق التوازن الجهوي وتطوير المناطق الأخرى تكنولوجياً.
البعد التعليمي للشراكة لا يقل أهمية عن الجانب الاقتصادي، إذ تعتزم أوراكل تطوير قدرات أكثر من 20000 طالب مغربي من خلال برامج تدريبية متخصصة بالتعاون مع الجامعات الوطنية. هذا الاستثمار في رأس المال البشري يضمن استدامة التطور التكنولوجي ويخلق جيلاً من الخبراء المحليين القادرين على المنافسة عالمياً.
أكدت الوزيرة المنتدبة أمل الفلاح السغروشني على الدور المتزايد للمغرب في السلسلة العالمية لتطوير التكنولوجيا المستدامة. وأشارت إلى أن نهج الحكومة يقوم على البناء المشترك مع القطاع الخاص لضمان تحقيق تأثير حقيقي في خلق الوظائف ونقل المعرفة التقنية.
تتسع رؤية المغرب التكنولوجية لتشمل البعد الإقليمي، حيث ستستضيف المملكة في سبتمبر القادم قطباً رقمياً عربياً وأفريقياً متخصصاً في الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات. هذا المشروع الطموح، المنفذ بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، يهدف إلى ترسيخ مكانة المغرب كفاعل محوري في التعاون الرقمي القاري.
أشاد نائب الرئيس التنفيذي لأوراكل كريغ ستيفن بجودة الكفاءات المغربية والموقع الاستراتيجي للمملكة، مؤكداً أن هذه العوامل كانت حاسمة في قرار الاستثمار. كما أعرب عن التزام الشركة بمواكبة المغرب في تطوير حلول تكنولوجية مبتكرة وآمنة تخدم الأسواق الأفريقية والشرق أوسطية.
إلى جانب مركز البحث والتطوير، أعلنت أوراكل عن خطط إنشاء منطقتين سحابيتين عموميتين في الدار البيضاء وسطات. هذه البنية التحتية الرقمية ستمكن الشركات والإدارات المغربية من الاستفادة من خدمات الحوسبة السحابية المتقدمة مع ضمان السيادة الرقمية والامتثال للمعايير التنظيمية.
حضر مراسم الافتتاح كل من وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة محمد سعد برادة ورئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب شكيب العلج، مما يعكس الاهتمام الحكومي والقطاع الخاص بهذا المشروع الاستراتيجي.
تمثل هذه المبادرات خطوة مهمة نحو تحويل المغرب من مستهلك للتكنولوجيا إلى منتج ومطور للحلول الرقمية المتقدمة، مما يعزز من قدرته التنافسية ويفتح آفاقاً جديدة للنمو الاقتصادي المستدام.