تشهد المنطقة المغاربية تطورات أمنية مهمة مع تزايد الضغوط على جبهة البوليساريو الانفصالية من جهات متعددة. هذا التضييق يأخذ أبعاداً جديدة مع تبني موريتانيا لسياسة أكثر حزماً تجاه أنشطة الجبهة على حدودها الشمالية.
الأسابيع الأخيرة شهدت حادثة مهمة عندما رصدت وحدة من الجيش الموريتاني محاولة تسلل لعناصر من البوليساريو إلى الأراضي الموريتانية. هؤلاء المقاتلون كانوا يخططون لاستغلال الأراضي الموريتانية كقاعدة لشن هجمات ضد المواقع المغربية، وقد تمكنوا من التمويه بارتداء ملابس مدنية واستخدام مركبات تحمل لوحات تسجيل موريتانية.
الجديد في هذه العملية هو الاستعانة بطائرة مسيرة لرصد تحركات هذه العناصر بدقة عالية، مما أدى إلى كشف مخططهم وإجبارهم على التراجع باتجاه مخيمات تندوف في الجزائر. هذا الأسلوب التقني الحديث يعكس تطور القدرات الأمنية الموريتانية وجديتها في حماية حدودها.
إغلاق منطقة لبريكة الحدودية في 21 ماي الماضي يمثل خطوة استراتيجية أخرى في هذا الاتجاه. هذا المعبر كان يُستخدم تقليدياً كنقطة عبور رئيسية لميليشيات البوليساريو نحو الجدار الأمني المغربي، وإغلاقه يقطع أحد أهم الممرات اللوجستية للجبهة.
التقارير تشير إلى أن موريتانيا قد حصلت على طائرات مسيرة متطورة من طراز BZK-005 Chang Ying صينية التصنيع، وذلك في إطار برنامج تعاون دفاعي يشمل دعماً أوروبياً يمتد ليشمل دولة تشاد أيضاً. هذا التعاون يهدف إلى تمكين دول المنطقة من مواجهة التهديدات الأمنية غير التقليدية وتعزيز أمن الحدود.
في محاولة لاحتواء التصعيد، أرسلت جبهة البوليساريو وفداً إلى نواكشوط يوم الجمعة الماضي، حاملاً رسالة من زعيمها إبراهيم غالي إلى الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني. اللقاء جرى بحضور مسؤولين أمنيين رفيعي المستوى، ويُعتقد أنه خُصص لمناقشة التطورات الميدانية على الحدود مع الجزائر.
هذا التشدد الموريتاني يأتي في سياق تحسن العلاقات مع المغرب على مختلف الأصعدة الاقتصادية والأمنية والجيوسياسية. التنسيق المتزايد بين الرباط ونواكشوط ساهم في دفع موريتانيا لتكثيف مراقبة حدودها ومنع استخدام أراضيها كمنصات لعمليات عدائية ضد المغرب.
هذه التطورات تزيد من حصار جبهة البوليساريو التي تجد نفسها محاطة بالجدار الدفاعي المغربي المتقدم من جهة، والحدود الموريتانية المغلقة من جهة أخرى، إضافة إلى تراجع الدعم الخارجي لقضيتها. في المقابل، يواصل المغرب حصد المزيد من التأييد الدولي لمقترحه للحكم الذاتي، كما حدث مؤخراً مع الموقف البريطاني المؤيد، مما يعزز موقعه الدبلوماسي ويضاعف الضغط على الجبهة الانفصالية.