أكدت السلطات الموريتانية خلال الأسبوع المنصرم رفضها لطلب جديد تقدمت به جبهة البوليساريو الانفصالية يتعلق بإنشاء ما وصفته بسفارة أو قنصلية في العاصمة نواكشوط، في خطوة تعكس استمرار الموقف الموريتاني الرافض لمنح أي اعتراف دبلوماسي رسمي للجبهة.
يندرج هذا القرار، وفق مصادر مطلعة على الملف، ضمن النهج الحذر الذي تنتهجه موريتانيا في التعامل مع قضية الصحراء، حيث درجت السلطات الموريتانية على تجاهل الطلبات المتكررة التي تتقدم بها البوليساريو في هذا الإطار. يأتي ذلك رغم استناد الجبهة الانفصالية في مطالبها إلى اتفاق الجزائر الموقع عام 1979، الذي جاء في أعقاب الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس المدني مختار ولد داداه.
تضمن الاتفاق المذكور تعهداً موريتانياً بإنهاء التزاماتها الناشئة عن اتفاق مدريد والدخول في علاقات مع البوليساريو، غير أن الواقع على الأرض أظهر أن هذه العلاقات لم تتجاوز قط الطابع البروتوكولي الشكلي. لم تشهد العقود الماضية أي تبادل فعلي للسفراء بين نواكشوط والبوليساريو، ولم يتم افتتاح أي بعثات دبلوماسية حقيقية للجبهة على الأراضي الموريتانية.
اقتصرت العلاقات بين الطرفين على استقبال مبعوثين من البوليساريو في مناسبات نادرة ومحدودة للغاية، دون أن يترتب على ذلك أي تطور في مستوى التمثيل الدبلوماسي. يعكس هذا التعامل الحذر إدراكاً موريتانياً لحساسية الملف وتعقيداته الإقليمية، فضلاً عن حرص نواكشوط على الحفاظ على توازنات علاقاتها مع مختلف الأطراف المعنية بالنزاع.
يشير المراقبون إلى أن الموقف الموريتاني الحالي يعكس رغبة البلاد في الابتعاد عن الانخراط المباشر في تعقيدات النزاع حول الصحراء، مع تفضيل سياسة الحياد الفعلي رغم الالتزامات التاريخية التي تحاول البوليساريو التمسك بها. يبدو أن نواكشوط تفضل إبقاء علاقاتها مع الجبهة في أدنى مستوياتها الممكنة، بما يتيح لها مساحة للمناورة في علاقاتها الإقليمية دون إثارة حساسيات غير ضرورية.











