أثار الفنان الكوميدي المصري محمد هنيدي جدلاً واسعاً بتصريحاته الأخيرة حول تأثير منصات التواصل الاجتماعي على المجتمع، خاصة منصة تيك توك وما تحمله من محتوى يراه مضراً بالعقل الجمعي للأجيال الشابة. هذه التصريحات جاءت في سياق الأزمة التي تشهدها مصر مؤخراً مع بعض مقدمي المحتوى على هذه المنصة.
تفاعل هنيدي مع النقاش الدائر حول القضية من خلال تعليق مطول نشره عبر صفحته الشخصية على فيسبوك، حيث رد على مقطع فيديو للإعلامي محمود سعد يناقش فيه الأزمة الراهنة. الفنان المخضرم أكد أن المشكلة تتجاوز مسألة الذوق العام أو تدخل الدولة، بل تمتد إلى جذور أعمق تتعلق بتغيير القيم المجتمعية.
في تحليله للظاهرة، أشار هنيدي إلى أن نوعاً معيناً من المحتوى الشعبوي الذي يتسم بالحوارات العامية الهابطة والسباب العلني والإيحاءات الجنسية بات يحظى بإعجاب شرائح واسعة من الجمهور. هذا التطور المقلق في نظره يعكس تحولاً خطيراً في الأذواق والتفضيلات الشعبية.
لفت النجم المصري إلى ظاهرة مثيرة للقلق تتمثل في تفوق هؤلاء المؤثرين على وسائل الإعلام التقليدية في جذب الانتباه والمتابعة. هذا التفوق دفع الكثيرين لترك أعمالهم التقليدية والانخراط في هذا المجال بحثاً عن الشهرة والمال السريع، مما خلق دوامة من التنافس على تقديم محتوى أكثر إثارة وجدلاً.
وصف هنيدي التطور الطبيعي لهذه الظاهرة بطريقة تحليلية عميقة، حيث يبدأ الأمر ببث مباشر بسيط، لكن مع مرور الوقت وتحت ضغط الحاجة المالية، يتجه هؤلاء المؤثرون نحو تقديم محتوى أكثر انحداراً وإثارة لجذب المزيد من المشاهدات والتفاعل. الجانب الأكثر خطورة في هذا السيناريو أن الجمهور موجود ومتحمس لهذا النوع من المحتوى.
أحصائيات مثيرة للقلق ذكرها الفنان تشير إلى أن تيك توك أصبحت المنصة الأولى في منطقة الشرق الأوسط ومصر تحديداً، حيث يعرف سبعون بالمئة من الناس نجوم هذه المنصة بأسمائهم. هؤلاء المؤثرون تحولوا إلى نجوم حقيقيين يقدمون الإعلانات ويحضرون المهرجانات ويحصلون على التكريم، مما يرسخ مكانتهم في المجتمع.
الخطر الحقيقي كما يراه هنيدي يكمن في تأثير هذه الظاهرة على العقل الجمعي للمجتمع، حيث بدأ الجيل الجديد يعتبر هذا النوع من النشاط هو التعريف الحقيقي للنجاح. هذا التحول في المفاهيم يخلق نوعين من ردود الفعل السلبية في المجتمع، إما الانجراف وراء هذا النموذج أو الشعور بالإحباط والعجز عن مواكبة هذا التطور.
تحليل هنيدي يطرح تساؤلات جوهرية حول مسؤولية المجتمع والمؤسسات في توجيه الشباب نحو نماذج إيجابية للنجاح، وحول الحاجة لإعادة تعريف معايير الشهرة والتميز في عصر الرقمنة. كما يسلط الضوء على أهمية دور الأسرة والمدرسة في تكوين وعي نقدي يمكن الشباب من التمييز بين المحتوى المفيد والمضر.