أصدرت السلطات القضائية التونسية حكماً غيابياً جديداً ضد الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي بالحبس لمدة 22 عاماً، وذلك في إطار اتهامات تتعلق بأنشطة إرهابية مزعومة. هذا الحكم الأخير يضاف إلى سلسلة من الإجراءات القضائية التي تستهدف الرجل السياسي المقيم حالياً في المنفى بفرنسا.
شمل هذا الحكم القضائي أيضاً أربعة شخصيات أخرى بارزة في المشهد السياسي التونسي، من بينهم عماد الدايمي الذي شغل منصب مستشار للمرزوقي سابقاً، بالإضافة إلى عبد الرزاق الكيلاني الذي ترأس نقابة المحامين التونسيين في فترة سابقة. جاء هذا القرار القضائي كرد فعل على مؤتمر صحفي عُقد في العاصمة الفرنسية باريس، حيث وجه المتهمون انتقادات حادة للمؤسسات الحكومية والقضائية في تونس.
المرزوقي، الذي قاد البلاد خلال الفترة من 2011 إلى 2014 في مرحلة حساسة من التحول الديمقراطي، يواجه الآن تراكماً من الأحكام القضائية ضده. فقد سبق أن صدرت في حقه أحكام بالسجن لمدة 12 عاماً في قضايا منفصلة تتعلق بتهم المساس بأمن الدولة والتحريض على الفوضى. هذه التطورات تأتي في سياق تصاعد التوتر بين المعارضة والنظام الحاكم بقيادة الرئيس قيس سعيد.
منذ استيلاء قيس سعيد على السلطات في يوليو 2021، شهدت تونس تراجعاً ملحوظاً في المساحات الديمقراطية. فقد قام الرئيس الحالي بتعديل الدستور وتعزيز الصلاحيات الرئاسية على حساب البرلمان، مما أثار مخاوف محلية ودولية من عودة الاستبداد. هذه السياسات أدت إلى موجة اعتقالات واسعة طالت العشرات من السياسيين والمحامين والصحفيين والناشطين الحقوقيين.
الوضع الحالي في تونس يمثل تحولاً درامياً عن التطلعات التي رافقت الثورة التونسية عام 2011، والتي كانت بمثابة الشرارة الأولى لما عُرف بالربيع العربي. البلد الذي كان يُعتبر نموذجاً للانتقال الديمقراطي في المنطقة، يواجه اليوم تحديات جسيمة في مجال حقوق الإنسان والحريات المدنية.
المجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة، عبر عن قلقه العميق إزاء هذه التطورات. مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان دعت السلطات التونسية إلى وقف اضطهاد المعارضين السياسيين واحترام حرية الرأي والتعبير. كما طالبت بالإفراج الفوري عن المعتقلين المسنين والذين يعانون من مشاكل صحية لأسباب إنسانية.
من جانبها، ترفض الحكومة التونسية هذه الانتقادات وتؤكد أن الإجراءات المتخذة تتعلق بجرائم حق عام لا علاقة لها بالنشاط السياسي أو ممارسة حرية التعبير. هذا الموقف الرسمي يعكس الهوة المتزايدة بين النظام الحاكم والمجتمع الدولي حول تقييم الأوضاع في تونس.