كشفت الأرقام الرسمية الصادرة عن الخزينة العامة للمملكة عن وضعية مالية تستدعي المتابعة، حيث سجلت الميزانية العامة للدولة عجزاً بقيمة 24.8 مليار درهم خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري 2025.
هذا العجز نتج عن تباين بين الموارد العادية التي حققتها الدولة والتي بلغت 319.8 مليار درهم، والنفقات العامة التي وصلت إلى 344.6 مليار درهم، وذلك دون احتساب الإيرادات المحصلة من القروض أو مصاريف خدمة الدين العام.
غير أن الصورة المالية تتحسن عند إدراج جميع مكونات الميزانية، حيث أفاد التقرير الفصلي أن إدماج الإيرادات المحققة من القروض والتي ناهزت 73.2 مليار درهم، مقابل مصاريف خدمة الدين البالغة 34.5 مليار درهم، يؤدي إلى تحقيق فائض إجمالي قدره 13.9 مليار درهم.
بلغت الموارد الإجمالية للدولة المغربية خلال هذه الفترة 393 مليار درهم، مما يعكس معدل تنفيذ يقارب 60% من التوقعات المدرجة في قانون المالية. هذا الأداء يعتبر طبيعياً نظراً لأن الفترة المرجعية تغطي النصف الأول من السنة المالية فقط.
تتنوع مصادر إيرادات الدولة بشكل متوازن، حيث تشكل الإيرادات العادية النصيب الأكبر بنسبة 53.8%، تليها مداخيل الحسابات الخصوصية للخزينة بنسبة 27.2%، ثم إيرادات القروض متوسطة وطويلة الأمد بنسبة 18.6%، فيما تمثل إيرادات المرافق المدارة ذاتياً نسبة ضئيلة لا تتجاوز 0.4%.
الجانب الآخر من المعادلة المالية يتمثل في النفقات العامة التي وصلت إلى 379.1 مليار درهم، محققة معدل تنفيذ يزيد قليلاً عن النصف بنسبة 52.6% من المبالغ المرصودة في قانون المالية.
تتوزع هذه النفقات على عدة أبواب رئيسية، حيث تستحوذ النفقات العادية للميزانية العامة على النصيب الأكبر بنسبة 49%، تليها إصدارات الحسابات الخاصة للخزينة بنسبة 27.4%، ثم نفقات الاستثمار بنسبة 14.4%، وأخيراً مصاريف خدمة الدين العام بنسبة 9.1%.
تشير البيانات المالية إلى وجود تحديات في تحصيل بعض الإيرادات المستحقة، حيث بلغت متأخرات سداد الضريبة على القيمة المضافة 32.8 مليار درهم عند نهاية العام الماضي، بينما وصلت مطالبات استرداد الضريبة على الشركات إلى 3.5 مليار درهم.
هذه الأرقام تعكس التحديات المالية التي تواجهها الدولة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، وتؤكد على أهمية مواصلة الجهود لتحسين كفاءة التحصيل الضريبي وترشيد الإنفاق العام لضمان الاستقرار المالي على المدى المتوسط والطويل.