كشفت دراسة حديثة نشرتها الصحيفة الاقتصادية الإسبانية “إل إكونوميستا” عن ترسيخ المملكة المغربية لموقعها كوجهة استثمارية موثوقة على الصعيد الدولي، حيث تشهد البلاد تطورا اقتصاديا متسارعا يقوده نمو قطاعين استراتيجيين هما صناعة السيارات والسياحة.
تشير المعطيات الاقتصادية الحديثة إلى أن المغرب حقق نموا استثنائيا في الناتج الداخلي الخام وصل إلى 4.8% خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري، متجاوزا بذلك التوقعات المبدئية بفضل انتعاش القطاع الزراعي وقوة الأنشطة الاقتصادية المتنوعة إلى جانب الطلب المحلي المرتفع وانخفاض معدلات التضخم.
تبرز صناعة السيارات كأحد أهم محركات النمو الاقتصادي في المملكة، حيث تواصل مجموعة رونو إنتاجها منذ عقود طويلة مستفيدة من التكاليف المنخفضة والموقع الجغرافي المتميز القريب من الأسواق الأوروبية. هذه المزايا التنافسية جذبت استثمارات جديدة مهمة، خاصة من مجموعة سيتروين التي تخطط لإنتاج 100 ألف مركبة بحلول عام 2027، بالإضافة إلى تدفق الاستثمارات الصينية المتزايدة نحو البلاد.
ويعمل المغرب على تطوير مشروع بناء أكبر حوض بناء سفن في إفريقيا في مدينة الدار البيضاء، وهو ما يُعد خطوة استراتيجية مهمة في مجال الصناعات البحرية. هذا المشروع الضخم، الذي يُقدر حجمه بحوالي ثلاثين ملعب كرة قدم، لن يركز فقط على صيانة وإصلاح السفن، هذه الخطوة تُظهر مدى تطور الطموحات الصناعية في المغرب، وتعكس توجهه نحو تنويع الاقتصادي وتعزيز موقعه كوجهة جذب للصناعات الكبرى.
يشهد القطاع السياحي المغربي نموا ملحوظا حيث ارتفع عدد الزوار الأجانب بنسبة 16% خلال النصف الأول من العام الحالي، مما يعكس جاذبية المملكة كوجهة سياحية متميزة تساهم في تعزيز الإيرادات السنوية وخلق فرص العمل.
تستفيد المملكة من استقرار اقتصادي وسياسي واضح إلى جانب علاقات متطورة مع الاتحاد الأوروبي، مما يعزز موقعها كلاعب استراتيجي صاعد في المنطقة ويؤهلها للحصول على تصنيف استثماري متقدم من وكالات التقييم العالمية.
يضاف إلى هذه المزايا التنافسية امتلاك المغرب لإمكانيات كبيرة في مجال الطاقة المتجددة، خاصة الطاقة الشمسية والرياح، مما يوفر للمستثمرين الدوليين فرصة الحصول على طاقة بأسعار تنافسية تدعم مشاريعهم الصناعية والتجارية.
تؤكد هذه المؤشرات الإيجابية أن المغرب يسير بخطى ثابتة نحو ترسيخ مكانته كمركز استثماري عالمي متقدم، مستفيدا من موقعه الجغرافي المتميز وسياساته الاقتصادية المتوازنة وبنيته التحتية المتطورة التي تلبي احتياجات المستثمرين الدوليين من مختلف القطاعات.