أعلنت شركة إنوي، الفاعل الوطني الرائد في قطاع الاتصالات بالمملكة المغربية، عن إنجاز مشروع استراتيجي كبير يتمثل في إنزال الكابل البحري MEDUSA بمدينة الناظور في خطوة نوعية اعتبرتها الشركة محطة فارقة في مسيرة تعزيز السيادة الرقمية الوطنية وتسريع وتيرة الإدماج الرقمي الشامل على مستوى جميع ربوع المملكة. هذا المشروع الطموح يندرج ضمن الرؤية الاستراتيجية الوطنية المغرب الرقمي 2030 التي ترمي إلى بناء منظومة رقمية حديثة متطورة آمنة وشاملة قادرة على دعم اقتصاد المعرفة وتوفير خدمات رقمية متقدمة لجميع المواطنين والمؤسسات.
الموقع الجغرافي الاستراتيجي الجديد لإنزال الكابل بمدينة الناظور يمنح المغرب ميزة تنافسية هامة من خلال تموقعه في قلب المسارات الكبرى للربط الرقمي العالمي التي تربط بين دول شمال إفريقيا والقارة الأوروبية والفضاء المتوسطي الواسع. هذا الموقع المتميز يعزز مكانة المملكة كنقطة عبور رقمية محورية بين ثلاث قارات ويفتح آفاقا واسعة للاستفادة من الفرص الاقتصادية المرتبطة بالاقتصاد الرقمي العالمي.
في هذا الإطار الاستراتيجي، أبرمت شركة إنوي عقدا مهما مع شركة Medusa Submarine Cable System المتخصصة في البنى التحتية الرقمية لاقتناء وصلة ربط دولية ذات صبيب فائق السرعة يبلغ طولها 1416 كيلومترا، تربط بشكل مباشر بين مدينة الناظور المغربية ومدينة مرسيليا الفرنسية. هذا المسار البحري الجديد يشكل محور ربط إضافيا استراتيجيا مع القارة الأوروبية يكمل الوصلات الدولية الحالية القائمة، مما يساهم بشكل فعال في تعزيز مبدأ الازدواجية الضروري للبنى التحتية الرقمية وتحسين موثوقية الاتصالات الدولية بشكل كبير.
يتمتع كابل MEDUSA البحري الحديث بقدرات تقنية عالية جدا تصل إلى 24 تيرابت في الثانية الواحدة، وهو رقم ضخم يعكس الطموح الكبير لهذا المشروع. الكابل يعتمد على نموذج ولوج مفتوح مبتكر يتيح لمختلف مشغلي الاتصالات الاستفادة من خدماته، مما يلبي الطلب المتزايد باستمرار على سعة النطاق الترددي العريض ويوفر مسارات جديدة متعددة للربط الدولي عالي الجودة. هذا النموذج المفتوح يشجع المنافسة الصحية ويساهم في خفض التكاليف على المستخدمين النهائيين.
المشروع يساهم أيضا بشكل مباشر في تعزيز متانة شبكة إنوي الوطنية ومرونتها العالية في مواجهة أي أعطال محتملة، كما يدعم بقوة وضع المملكة المغربية كمركز رقمي إقليمي مرجعي في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط. الكابل البحري يمتد على مسافة إجمالية تتجاوز 8700 كيلومتر عبر مياه البحر الأبيض المتوسط، ليصبح بذلك أكبر نظام ربط بحري رقمي في حوض المتوسط بأكمله، حيث يربط بين 19 نقطة إنزال استراتيجية موزعة بين بلدان المغرب الكبير والقارة الأوروبية ومنطقة الشرق الأوسط ومصر.
يتم تطوير مشروع MEDUSA الاستراتيجي من طرف شركة AFR-IX telecom المتخصصة في البنية التحتية الرقمية، حيث تشمل المرحلة الأولى من المشروع إقامة الربط المباشر بين مدينة مرسيليا الفرنسية ومدينة بنزرت التونسية ومدينة الناظور المغربية، على أن تدخل هذه الوصلات الثلاث حيز الخدمة الفعلية مطلع السنة المقبلة 2026. المراحل اللاحقة من المشروع يرتقب أن تجعل باقي نقاط الإنزال الـ16 الأخرى جاهزة للعمل والتشغيل الكامل في أفق سنة 2027 وفق الجدول الزمني المحدد.
هذا المشروع الضخم يتيح لشركة إنوي تعزيز مكانتها الرائدة كشريك أساسي وفاعل محوري في عملية التحول الرقمي الشامل الجارية في المملكة المغربية، وذلك من خلال توسيع نطاق الربط الدولي فائق الصبيب بشكل كبير، والانفتاح المباشر على أبرز المراكز الرقمية العالمية الكبرى، والعمل على تقليص الفجوات الرقمية القائمة بين مختلف جهات المملكة لضمان تغطية شاملة ومتوازنة. المشروع يعزز أيضا التزامات إنوي الاستراتيجية تجاه تطوير البنى التحتية الحيوية ذات البعد الدولي ويؤكد دورها الطليعي في دعم النمو الاقتصادي والتكنولوجي المستدام للمملكة.
الفوائد الاقتصادية المباشرة لهذا المشروع تتجلى في توفير ربط دولي عالي الأداء وآمن تماما، وتقوية قدرة المغرب التنافسية على جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة في القطاع الرقمي والتكنولوجي من مختلف أنحاء العالم، مع المساهمة الفعالة في بناء مستقبل رقمي سيادي وطني شامل يضمن استقلالية المملكة في المجال الرقمي ويعزز أمنها السيبراني في مواجهة التهديدات المتزايدة في الفضاء الرقمي العالمي.










