أعلنت شركة Predator Oil & Gas البريطانية المتخصصة في استكشاف موارد الطاقة عن قرارها بالانسحاب من مشروعها الاستكشافي للغاز الطبيعي في منطقة جرسيف الواقعة شرق المملكة المغربية، وذلك بعد سلسلة من عمليات الحفر والاستكشاف التي امتدت لفترة طويلة دون أن تسفر عن النتائج التجارية المرجوة التي كانت الشركة تأمل في تحقيقها.
يأتي هذا القرار على الرغم من المؤشرات الجيولوجية المشجعة التي رصدتها الشركة في بعض الآبار الاستكشافية التي قامت بحفرها في المنطقة، مما يعكس الفجوة بين الإمكانات الجيولوجية النظرية والواقع التجاري الفعلي الذي يحكم جدوى المشاريع الاستخراجية في قطاع الطاقة.
تمتلك الشركة البريطانية حصة كبيرة تبلغ خمسة وسبعين بالمائة من رخصة التنقيب في المشروع، بينما يحتفظ المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن بنسبة الخمسة والعشرين بالمائة المتبقية كشريك وطني في هذا المسعى الاستكشافي. الشركة بصدد الإعداد لطرح حصتها للبيع، فاتحة المجال أمام مستثمرين آخرين قد يكون لديهم رؤية مختلفة أو إمكانات تقنية ومالية أكبر لمواصلة المشروع.
جاء قرار التخلي عن المشروع بعد تقييم معمق لنتائج بئر MOU-5 الاستكشافي الذي شكل محطة حاسمة في مسار الشركة بالمنطقة. البيانات المستخرجة من هذا البئر لم تؤكد وجود احتياطات غازية يمكن استغلالها بشكل مجدي تجاريا، وهو ما دفع إدارة الشركة إلى إعادة النظر في خططها الاستثمارية رغم التقديرات الأولية التي أشارت إلى إمكانات جيولوجية واعدة قد تصل إلى خمسة فاصل تسعة تريليونات قدم مكعب من الغاز الطبيعي.
المدير التنفيذي للشركة بول غريفيث كان قد أعلن في مارس الماضي عن تحفظاته بشأن الجدوى الاقتصادية للموقع في ظل الظروف الراهنة، مشيرا إلى أن العوائد المتوقعة لا ترقى إلى مستوى الاستثمارات الكبيرة المطلوبة لتطوير الحقل وتحويله إلى مشروع إنتاجي فعال. هذا التصريح كان بمثابة الإنذار المبكر الذي نبه إلى احتمالية إعادة النظر في الالتزام بالمشروع المغربي.
الشركة أوضحت في تقريرها الدوري الصادر خلال شهر شتنبر من العام الماضي أنها تعيد ترتيب أولوياتها الاستراتيجية على المستوى الدولي، حيث تنوي التركيز على المشاريع التي تحقق عوائد أسرع وأكثر وضوحا. هذا التوجه الجديد يضع نصب عينيها مشاريعها في ترينيداد إلى جانب الاستثمارات الموجهة نحو قطاع الغاز الحيوي الذي يشهد نموا متسارعا على المستوى العالمي.
رغم قرار الانسحاب، أكدت الشركة البريطانية أن المغرب يبقى سوقا واعدا ومهما في مجال الطاقة بفضل موقعه الجغرافي الاستراتيجي القريب من القارة الأوروبية، ما يجعله بوابة محتملة لتصدير الغاز نحو أسواق تعاني من عجز مزمن في الإمدادات. إضافة إلى ذلك، تتميز المملكة ببنية تحتية متطورة في قطاع الطاقة وبطلب محلي متنام على الغاز الطبيعي، ما يعزز جاذبيتها للمستثمرين في هذا المجال.
بالتوازي مع الاستعدادات لبيع حصتها في رخصة جرسيف، تعتزم Predator Oil & Gas مواصلة الأعمال التقنية والتقييمية الضرورية لتحديد الإمكانات الحقيقية المتبقية في الحقل بشكل أدق وأكثر تفصيلا. هذه المعطيات الإضافية ستكون ذات قيمة كبيرة لأي مشتر محتمل يرغب في الاستحواذ على حصة الشركة ومواصلة المشروع بناء على أسس علمية متينة.
كما قدمت الشركة طلبا رسميا لتمديد رخصة التنقيب الحالية التي من المقرر أن تنتهي صلاحيتها في الخامس من نونبر للعام القادم ألفين وستة وعشرين. هذا التمديد سيمنح الشركة والمشترين المحتملين مزيدا من الوقت لاستكمال عملية نقل الملكية وإجراء الدراسات اللازمة قبل اتخاذ قرارات استثمارية نهائية بشأن مستقبل المشروع.
تعتبر Predator Oil & Gas من الشركات الصاعدة والنشطة في قطاع استكشاف الطاقة على المستوى الدولي، حيث تدير محفظة متنوعة من المشاريع الموزعة جغرافيا عبر عدة قارات. استراتيجيتها تقوم على المراهنة على تطوير مشاريع الغاز الطبيعي والحيوي في الأسواق الناشئة التي تشهد نموا اقتصاديا متسارعا وحاجة متزايدة لموارد الطاقة.
يشار إلى أن السوق المغربي للغاز الطبيعي يشهد تطورا ملحوظا في السنوات الأخيرة، مدفوعا بارتفاع الطلب من مختلف القطاعات الصناعية والكهربائية، إلى جانب السياسات الحكومية الرامية إلى تنويع مصادر الطاقة وتقليل الاعتماد على الواردات. هذا الوضع يجعل من أي اكتشاف غازي ناجح فرصة استثمارية واعدة رغم التحديات التقنية والاقتصادية التي قد تعترض طريق المشاريع الاستكشافية.