في حادثة غريبة هزت المجتمع الإسباني، اكتشف عناصر فرق الإنقاذ في مدينة فالنسيا بالصدفة البحتة هيكلاً عظمياً لرجل توفي داخل شقته منذ ما يقارب خمسة عشر عاماً، دون أن يدرك أي شخص بغيابه أو يبحث عنه طوال هذه الفترة الطويلة. القصة المأساوية تكشف عن جوانب مظلمة من العزلة الاجتماعية التي يمكن أن يعيشها البعض في المدن الكبرى.
صاحب الشقة هو أنطونيو فاموسو، وهو رجل مسن كان يعيش بمفرده في عمارة سكنية بالمدينة الساحلية الإسبانية. ما يثير الدهشة أكثر في هذه الواقعة هو أن الرجل المتوفى له ابنان لم يزوراه أو يتصلا به للاطمئنان عليه طوال تلك السنوات الطويلة التي بقي فيها جثمانه محبوساً داخل منزله المغلق.
الأمر الأكثر غرابة في هذه القضية هو استمرار الحياة الإدارية والمالية للمتوفى وكأنه لا يزال حياً، حيث استمر راتبه التقاعدي في التدفق إلى حسابه البنكي بشكل شهري منتظم، بينما واصلت شركات الخدمات العامة مثل الماء والكهرباء والغاز في خصم فواتيرها من نفس الحساب البنكي. هذا الوضع الروتيني المستمر جعل من الصعب على أي جهة رسمية أن تكتشف أن شيئاً غير طبيعي يحدث.
كشف الجيران المقيمون في نفس العمارة أن اكتشاف الحقيقة المروعة جاء بمحض الصدفة عندما حدث تسرب لمياه الأمطار من سطح المبنى إلى شقة أنطونيو فاموسو، ومن ثم تسربت المياه إلى الشقة الموجودة أسفلها مباشرة. هذا التسرب المائي دفع السكان إلى الاتصال بفرق الإنقاذ التي اضطرت للدخول إلى الشقة عبر الشرفة، لتصطدم بمشهد مروع لرفات الرجل المسن.
طوال السنوات الماضية، ظل الجيران يعتقدون أن أنطونيو فاموسو انتقل للعيش في إحدى مؤسسات رعاية المسنين أو أنه ربما توفي في مكان آخر بعيداً عن الحي. لم يخطر ببال أحد منهم أنه كان موجوداً داخل شقته طوال هذا الوقت. هذا الاعتقاد الخاطئ منع أي شخص من التحقق من وضعه أو محاولة كسر باب شقته للاطمئنان عليه.
أثارت هذه الحادثة المأساوية موجة واسعة من الجدل والاستياء في المجتمع الإسباني، حيث تناولتها وسائل الإعلام المحلية بكثافة واعتبرتها إحدى أغرب الحوادث التي شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة. القصة تسلط الضوء على مشكلة العزلة الاجتماعية وضعف الروابط الأسرية في المجتمعات الحديثة، وتطرح تساؤلات حول دور المؤسسات الرسمية في متابعة المواطنين المسنين وحمايتهم من مثل هذه المآسي الصامتة.