أعلنت شركة بايت دانس الصينية المالكة لتطبيق تيك توك يوم الخميس عن توقيع اتفاقيات ملزمة مع 3 مستثمرين رئيسيين لإنشاء مشروع مشترك يهدف إلى إدارة عمليات التطبيق الشهير داخل الولايات المتحدة بمشاركة مستثمرين أمريكيين ودوليين. تأتي هذه الخطوة الاستراتيجية في محاولة جادة لتفادي السيناريو الأسوأ المتمثل في حظر تيك توك على الأراضي الأمريكية.
كشف شو تشيو، المدير التنفيذي لتيك توك، تفاصيل هذه الصفقة الحاسمة لموظفي الشركة عبر مذكرة داخلية وزعت على نطاق واسع. تمثل هذه الاتفاقية إنجازا مهما لتطبيق الفيديوهات القصيرة الذي يستخدمه بشكل منتظم أكثر من 170 مليون أمريكي، وذلك بعد سنوات طويلة من الصراعات القانونية والسياسية التي انطلقت في أغسطس 2020 عندما حاول الرئيس دونالد ترامب حظر التطبيق لأول مرة خلال ولايته الأولى دون نجاح.
حددت المذكرة الداخلية تفاصيل صفقة تشبه إلى حد كبير ما أعلنه البيت الأبيض في سبتمبر الماضي، والذي كان ينتظر آنذاك موافقة السلطات الصينية للمضي قدما. قدرت المذكرة قيمة عمليات تيك توك داخل الولايات المتحدة بنحو 14 مليار دولار أمريكي، وهو رقم يعكس الحجم الهائل لأنشطة التطبيق في السوق الأمريكية.
في حال إتمام هذه الصفقة بنجاح، ستزيل الاتفاقية مشكلة مستمرة ومعقدة في العلاقات بين بكين وواشنطن، كما ستشير إلى تقدم ملموس في المفاوضات الأوسع بين البلدين اللذين شهدا خلافات حادة حول التجارة والأمن السيبراني وقضايا جيوسياسية أخرى متعددة.
بموجب قانون أمريكي أقر العام الماضي، كان الموعد النهائي الأولي لقاعدة البيع أو الحظر محددا في يناير الماضي، لكن ترامب مدد هذا الموعد عدة مرات منذ عودته إلى منصب الرئاسة، وكان آخر تمديد يؤجل القرار النهائي حتى يناير 2026، مما منح الأطراف المعنية وقتا إضافيا للتوصل إلى حل مقبول.
وقعت بايت دانس 3 اتفاقيات منفصلة مع كل من شركة أوراكل العملاقة للبرمجيات وشركة سيلفر ليك للاستثمار وصندوق إم جي إكس الإماراتي لتأسيس مشروع مشترك جديد يحمل اسم تيك توك يو إس دي إس جوينت فينشر. ستكون الحصة المجمعة للشركاء الثلاثة، بما في ذلك صندوق إم جي إكس الذي مقره أبوظبي، 45 بالمائة من الكيان الجديد.
بموجب الاتفاقيات الموقعة، سيمتلك مستثمرون أمريكيون وعالميون حصة مسيطرة تبلغ 80.1 بالمائة من المشروع، بينما ستحتفظ بايت دانس الصينية بحصة أقلية تبلغ 19.9 بالمائة فقط في المشروع المشترك الجديد بعد عملية التخارج التدريجية. هذا التوزيع للحصص يهدف إلى طمأنة المشرعين الأمريكيين بشأن الرقابة على التطبيق.
سيعمل المشروع المشترك ككيان مستقل يتمتع بصلاحيات واسعة تشمل الإشراف الكامل على حماية بيانات المستخدمين الأمريكيين وأمن الخوارزميات المستخدمة ومراقبة المحتوى المنشور وضمان جودة البرمجيات المطورة. هذه الاستقلالية تعتبر عنصرا أساسيا لتلبية المخاوف الأمنية الأمريكية.
ستتولى كيانات تيك توك العالمية داخل الولايات المتحدة مسؤولية إدارة قابلية التشغيل البيني للمنتجات على مستوى العالم وبعض الأنشطة التجارية الحيوية بما في ذلك التجارة الإلكترونية والإعلانات الرقمية والتسويق عبر المنصة، مما يحافظ على التكامل العالمي للخدمة.
سيخضع الكيان الأمريكي الجديد لإدارة مجلس إدارة مكون من 7 أعضاء أغلبيتهم من المواطنين الأمريكيين، وهو ترتيب يهدف إلى ضمان السيطرة الأمريكية على القرارات الاستراتيجية للتطبيق. من المقرر إتمام الصفقة رسميا في 22 يناير 2026، مما سيمثل نهاية لسنوات من الجهود المكثفة لإجبار الشركة الصينية الأم على التخارج من أعمالها الأمريكية وسط مخاوف متزايدة تتعلق بالأمن القومي وحماية البيانات.
لم تصدر الجهات التنظيمية الصينية أي قرار نهائي بعد بشأن الموافقة على هذه الصفقة الحساسة، مما يبقي بعض عناصر عدم اليقين قائمة حول إتمام الاتفاقية في الموعد المحدد. تبقى موافقة بكين عاملا حاسما في نجاح هذا الترتيب الذي يعيد تشكيل مستقبل أحد أكثر التطبيقات شعبية في العالم.










