أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمراً تنفيذياً، الأربعاء، يقضي بفرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 25% على السلع المستوردة من الهند، في خطوة تُعدّ تصعيداً تجارياً جديداً تطال دولة كانت تُعتبر شريكاً استراتيجياً في مواجهة النفوذ الصيني. وجاء القرار مبرراً باتهامات للهند باستيراد النفط الروسي بشكل مباشر أو غير مباشر، في تجاوز لما تُسمى “الحظر الغربي” المفروض على موسكو منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا عام 2022.
ووفق بيان صادر عن البيت الأبيض، فإن “حكومة الهند تقوم حالياً باستيراد النفط من الاتحاد الروسي”، مشيرة إلى أن هذه الممارسات تُقوّض جهود المجتمع الدولي الرامية إلى عزل روسيا اقتصادياً. وأضاف البيان أن هذه الرسوم الجديدة ستُطبّق على الإقليم الجمركي للولايات المتحدة، وفقاً للقوانين الفيدرالية، في إطار ما وُصف بـ”الرد المتناسب على الشراكات الطاقية التي تُغذي العدوان”.
تُعد الهند ثالث أكبر مستهلك للنفط في العالم، وقد عمدت، منذ بداية الأزمة الأوكرانية، إلى شراء كميات كبيرة من النفط الخام الروسي بأسعار مخفضة، ما مكّنها من تقليل تكاليف استيراد الطاقة وتحقيق وفورات مالية كبيرة. وتشير الإحصائيات إلى أن الهند تستورد حالياً نحو 1.75 مليون برميل يومياً من النفط الروسي، أي ما يعادل حوالي 35% من إجمالي وارداتها، مقارنة بأقل من 2% قبل عام 2022.
وأوضح ترامب أن القرار لا يُعتبر مجرد إجراء تجاري، بل رسالة سياسية واضحة إلى الدول التي تواصل التعامل مع روسيا في قطاع الطاقة. وحذر من أن “الدول التي تشتري النفط أو السلع من روسيا قد تواجه تداعيات اقتصادية، بما في ذلك عقوبات مستقبلية، إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق سلام مع أوكرانيا”. ويُقرأ هذا التصريح على أنه محاولة لربط الاستقرار الاقتصادي بالمعادلة الجيوسياسية، وفرض مزيد من الضغط على الشركاء الخارجيين.
الخطوة أثارت استغراباً واسعاً في الأوساط الدبلوماسية، خاصة أن الهند لم تُصنّف يوماً كحليف مباشر لأمريكا في الملف الأوكراني، بل حافظت على موقف محايد، ترفض فيه إدانة روسيا بشكل صريح، بينما تُواصل شراء النفط بأسعار منخفضة. ورغم دعوات متكررة من واشنطن للضغط على نيودلهي، إلا أن الأخيرة ظلت تُصرّ على سيادتها في اختيار مصادر الطاقة، مشيرة إلى أن شرائها يتم ضمن القنوات القانونية، ولا يُخالف أي قرار دولي.
في المقابل، من المتوقع أن ترد الهند بإجراءات مضادة، سواء عبر قنوات دبلوماسية أو عبر إجراءات تجارية موازية، ما قد يُفتح باباً جديداً من التوترات التجارية في سياق عالمي متشنج.
القضية، في جوهرها، تظهر تناقضاً بين الواقع الاقتصادي للدول النامية، التي تبحث عن الطاقة بأسعار معقولة، والضغوط السياسية من الدول الغربية التي تريد فرض تضامن عالمي ضد روسيا.