طرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب احتمالية طرد إسبانيا من حلف شمال الأطلسي الذي يضم 32 دولة، مبررا موقفه بعدم التزام الحكومة الإسبانية بمعايير الإنفاق الدفاعي المتفق عليها حديثا بين أعضاء التحالف الأطلسي. ألمح ترامب إلى أن هذا الإجراء القاسي قد يكون ضروريا لفرض الانضباط على الدول التي لا تعير الأهمية الكافية لالتزاماتها المالية تجاه حماية الحلف.
خلال حديثه مع الصحافيين في البيت الأبيض، لم يتردد الرئيس الأمريكي في انتقاد الأداء الإسباني بشكل مباشر وحاد، معتبرا مدريد “عضوا متقاعسا” داخل الناتو. أكد ترامب أنه لا يوجد أي عذر منطقي أو معقول يمكن أن تتمسك به إسبانيا لتبرير فشلها في تحقيق هدف الإنفاق الدفاعي، ثم أضاف تصريحا واضحا يحمل تهديدا لا لبس فيه: “ربما ينبغي طردهم من الناتو فعلا”. يعكس هذا التصريح الجرأة التي يتمتع بها ترامب في التعامل مع قضايا الناتو وسياسة التحالفات الدولية.
يأتي تهديد ترامب في سياق أوسع من الضغوط المستمرة التي مارسها على دول الناتو لزيادة نفقاتها الدفاعية. وافق حلف شمال الأطلسي في يونيو من العام الماضي على رفع مستوى الإنفاق الدفاعي المطلوب من الدول الأعضاء إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي كجزء من خطة طويلة الأمد تهدف إلى تعزيز القدرات العسكرية والدفاعية للتحالف. جاء هذا القرار نتيجة مباشرة للضغط الشديد الذي مارسه ترامب، الذي هدد في أكثر من مناسبة بفرض عقوبات تجارية على الدول التي تفشل في الالتزام بهذا المعيار الجديد الصارم.
من جانبه، أعلن رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز بشفافية أن بلاده تواجه تحديات حقيقية في الوصول إلى نسبة الإنفاق الدفاعي المطلوبة بنسبة 5% من الناتج المحلي الإجمالي. أشار سانشيز إلى أن إسبانيا تُصنف فعليا ضمن الدول ذات الإنفاق الدفاعي الأدنى نسبيا داخل حلف الناتو، وبالتالي فإن تحقيق هذا الهدف الطموح يتطلب استثمارات مالية ضخمة قد تؤثر على جوانب أخرى من الميزانية الوطنية.
شدد ترامب بصرامة على أن الوصول إلى نسبة 5% من الناتج المحلي الإجمالي للإنفاق الدفاعي يعتبر شرطا أساسيا لاستمرار مشاركة الولايات المتحدة الفعالة في الحلف وتقديمها للحماية والدعم العسكري للدول الأوروبية. لم يتوقف التهديد الأمريكي عند هذا الحد، بل أشار الرئيس الأمريكي في عدة مناسبات إلى احتمال توقف واشنطن عن توفير الحماية الدفاعية والدعم العسكري للدول الأوروبية التي لا تُبدي رغبة حقيقية في زيادة مخصصاتها الدفاعية بالمستوى المطلوب.
تنقسم نسبة الإنفاق الدفاعي البالغة 5% إلى قسمين رئيسيين يخدم كل منهما أهدافا محددة. يُخصص 3.5% من هذه النسبة للمجالات الدفاعية والعسكرية الأساسية والأساسية، بما فيها شراء الأسلحة والمعدات العسكرية والصيانة والعمليات العسكرية. بينما يُوجه 1.5% المتبقية نحو مجالات دفاعية أكثر مرونة وتنوعا مثل تطوير البنية التحتية العسكرية وتعزيز الأمن السيبراني ومكافحة التهديدات الرقمية المتنامية.
يعكس موقف ترامب رؤية أمريكية تقليدية تربط بين الالتزام المالي والالتزام السياسي، مؤمنة بأن الدول التي تستفيد من الحماية الأمريكية يجب أن تتحمل نصيبا عادلا من تكاليف هذه الحماية. لكن هذا الموقف يثير نقاشات حادة حول طبيعة التحالفات الدولية وكيفية توزيع الأعباء والمسؤوليات فيما بينها، خاصة عندما تتعلق بدول أوروبية لها ظروف اقتصادية واجتماعية متنوعة.











