استقبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اليوم الاثنين، نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض، في لقاء يُعدّ من أبرز المحطات الدبلوماسية خلال الأزمة الأوكرانية، وسط توقعات بانفراجات محتملة في مسار الحرب المستمرة منذ 2022.
وخلال المؤتمر الصحفي المشترك، أكّد ترامب أن هناك تقدماً ملموساً في جهود إنهاء النزاع، مشيراً إلى أن اجتماعه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد يُسهم في فتح آفاق جديدة للحل. وعبّر عن تفاؤله بعقد قمة ثلاثية تجمعه بكل من زيلينسكي وبوتين، شريطة أن “تسير الأمور كما هو متوقع”، وقال: “أعتقد أنه في حال سار كل شيء على ما يرام، سنعقد قمة ثلاثية، وأعتقد أن ذلك سيفتح فرصة حقيقية لإنهاء الحرب”.
في الملف الأبرز، أعلن ترامب بوضوح أن أوكرانيا لن تنضم إلى حلف الناتو، في موقف يُعيد تشكيل التوقعات الغربية تجاه مستقبل البلاد، ويفتح الباب أمام صيغ بديلة للأمن. وأضاف أن “لا تفاصيل حالياً” حول طبيعة الضمانات الأمنية التي قد تُقدَّم لأوكرانيا، لكنه أكد أن الولايات المتحدة ستكون “ضالعة” في أي ترتيب أمني مستقبلي ضمن اتفاق سلام محتمل.
وشدّد ترامب على أن الدول الأوروبية تمثل “خط الدفاع الأول” في حالات النزاع الإقليمي، لأنها “تتواجد على الأرض”، لكنه أكّد في المقابل أن واشنطن ستظل شريكاً فاعلاً في دعم أمن أوكرانيا، سواء عبر المساعدات العسكرية أو التزامات سياسية مستقبلية.

من جانبه، شكر زيلينسكي الرئيس الأمريكي على جهوده الرامية إلى “وقف القتال” في أوكرانيا، واعتبر أن “الحرب يجب أن تتوقف”. وأكد استعداده للانخراط في حوار ثلاثي مع ترامب وبوتين، شريطة أن يُحقق هذا الحوار سلاماً عادلاً ودائماً.
كما تطرّق زيلينسكي إلى الشأن الداخلي، حيث أكّد استعداده لتنظيم انتخابات رئاسية في أوكرانيا، لكن بشروط واضحة: “نحن بحاجة إلى العمل في البرلمان، لأنه لا يمكن إجراء انتخابات خلال الحرب”. وشدد على أن الشعب الأوكراني يستحق انتخابات ديمقراطية وشفافة، “لكن ذلك يتطلب نهاية للحرب وظروف أمنية مستقرة”.
اللقاء شهد حضوراً أوروبياً لافتاً، حيث توجّه عدد من كبار القادة والمسؤولين إلى البيت الأبيض للمشاركة في المشاورات، من بينهم سكرتير عام حلف الناتو مارك روته، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، والرئيس الفنلندي ألكسندر ستاب، والمستشار الألماني فريدريش ميرتس، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، إلى جانب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي انضم إلى اللقاءات لاحقاً.
وكان ستارمر قد قال قبل وصوله إلى واشنطن، في تدوينة على موقع إكس: “لابد أن نتأكد من تحقيق السلام واستمراره، ومن أنه سلام عادل، ولهذا السبب توجهت إلى واشنطن مع زعماء أوروبيين آخرين، للتباحث بشأن هذا الأمر”.
يُقرأ هذا اللقاء كمحاولة أمريكية لفرض نفسها كمُيسّر رئيسي في الملف الأوكراني، مع توجّه نحو تهدئة قد تُعيد رسم خريطة الأمن في أوروبا. لكن التساؤلات تبقى حول طبيعة الضمانات البديلة للناتو، وشروط القمة الثلاثية، ومستقبل السيادة الأوكرانية في ظل ضغوط التسوية.