اتخذ وزير الصحة أمين التهراوي قرارا حاسما يوم الخميس بوقف الإعانات الاستثمارية الحكومية التي كانت تقدم للمصحات الخاصة والتي تقدر بملايين الدراهم، في خطوة تهدف إلى إعادة صياغة العلاقة بين القطاعين العام والخاص في المجال الصحي بالمملكة والحد من هيمنة المؤسسات الصحية الخاصة.
جاءت تصريحات الوزير خلال مثوله أمام لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، حيث كشف أن الخارطة الصحية المقبلة ستتبنى منهجية علمية وتقنية جديدة لا تقتصر على التوزيع الجغرافي فقط، بل تأخذ بعين الاعتبار النمو السكاني والتحولات الاجتماعية المتوقعة خلال السنوات الخمس القادمة. أوضح التهراوي أن هذه الخارطة ستدمج القطاع الخاص بشكل مدروس لتحديد الحاجة الفعلية إليه وبناء علاقة جديدة تخدم مصلحة المواطنين.
برر الوزير قرار إيقاف الدعم المالي للمستشفيات الخاصة بأن هذه المصحات لا تساهم في حل الإشكالات الصحية القائمة، بل على العكس تزيد من تعقيدها من خلال إقامة مقراتها بالقرب من المستشفيات الجامعية واستقطاب المرضى منها، مما يضعف دور المؤسسات الصحية العمومية ويخلق منافسة غير عادلة.
أكد التهراوي أن وزارته تخوض معركة حقيقية ضد ممارسات بعض المصحات التي تستغل وضعية المرضى عبر رفع قيمة الفواتير بشكل مبالغ فيه والتلاعب في الملفات العلاجية لتضخيم التكاليف. كشف الوزير أن عشرين لجنة تفتيش متخصصة تنفذ حاليا زيارات دورية شهرية لمراقبة هذه المؤسسات والتأكد من التزامها بالمعايير القانونية والأخلاقية.
يمثل هذا الموقف الحازم تحولا جذريا في التعامل مع القطاع الصحي الخاص الذي أصبح محل انتقادات واسعة بسبب استقطابه للأطباء من القطاع العام، مما تسبب في نقص حاد في الكوادر الطبية بالمستشفيات الحكومية. أدت هذه الظاهرة إلى غياب الأطباء عن مراكزهم في المؤسسات العمومية وتحويل تدفق المرضى نحو المصحات الخاصة التي تفرض أسعارا باهظة، مما خلق أزمة حقيقية في إمكانية الولوج إلى العلاج لفئات واسعة من المواطنين.
تسعى وزارة الصحة من خلال هذه الإجراءات إلى إعادة التوازن للمنظومة الصحية الوطنية وضمان حصول المواطنين على خدمات صحية عمومية ذات جودة عالية دون الاضطرار إلى اللجوء للقطاع الخاص بتكاليف مرتفعة. يبقى تطبيق هذه السياسة الجديدة رهينا بقدرة الوزارة على تطوير البنية التحتية الصحية العمومية وتحسين ظروف عمل الأطباء لمنع هجرتهم نحو المصحات الخاصة.











