عاشت مدينة آسفي يوم الأحد الماضي تجربة مرعبة بعد هطول أمطار رعدية غزيرة أدت إلى فيضانات مفاجئة غمرت أحياء بأكملها، حيث تحولت الشوارع إلى أنهار جارفة في غضون دقائق معدودة. هذه الظاهرة الجوية العنيفة تسببت في شلل كامل لحركة المرور داخل المدينة بسبب الارتفاع المفاجئ لمنسوب المياه، كما خلفت أضرارا مادية واسعة النطاق طالت منازل المواطنين ومركباتهم ومحلاتهم التجارية دون استثناء.
شهدت الأزقة الضيقة للمدينة القديمة مشاهد مروعة خاصة في حي باب الشعبة، حيث حاصرت السيول العاتية السكان في لحظات كانت فيها الحياة معلقة بخيط رفيع. مقاطع الفيديو التي انتشرت بسرعة على منصات التواصل الاجتماعي وثقت جانبا من الرعب الذي عاشه الأهالي أمام هذه القوة الطبيعية المدمرة التي لم يكن بمقدورهم صدها أو التنبؤ بها.
من بين المشاهد التي هزت القلوب، ظهرت امرأة مسنة تعمل في بيع الفخار وهي محاصرة بالكامل وسط المياه المتدفقة بعنف شديد، متشبثة بجدار قريب في محاولة يائسة للبقاء على قيد الحياة بينما كانت السيول تهدد بجرفها في أية لحظة. صراخها المتواصل طلبا للمساعدة كان يتردد وسط صوت المياه الهادرة التي لم تكن ترحم أحدا في طريقها.
في تلك اللحظات الحرجة، أظهر مجموعة من شباب حي باب الشعبة شجاعة استثنائية عندما تدخلوا رغم خطورة الموقف لإنقاذ المرأة من براثن الموت المحقق. هذه اللفتة الإنسانية النبيلة تعكس عمق التضامن والترابط الاجتماعي بين أفراد المجتمع المغربي، حيث يتحول المواطنون العاديون إلى أبطال حقيقيين في لحظات المحن والأزمات الكبرى.
بعد نجاتها من هذه المحنة القاسية، ظهرت المرأة المسنة في مقطع فيديو آخر وهي في حالة انهيار عاطفي تام، حيث كانت تبكي بشدة وتحمد الله على سلامتها من هذا الموقف المرعب. عبرت عن امتنانها العميق لشباب الحي الذين أنقذوا حياتها في اللحظات الأخيرة، مؤكدة أنها شاهدت الموت رأي العين خلال تلك الدقائق الطويلة التي قضتها محاصرة بالسيول الجارفة.
السلطات المحلية أكدت في بيان رسمي أن الحصيلة المأساوية لهذه الفيضانات الطوفانية بلغت 14 قتيلا، بالإضافة إلى وجود عدد من المفقودين لا يزال البحث جاريا عنهم. فرق الوقاية المدنية والقوات المساعدة تواصل جهودها الميدانية باستخدام كافة الإمكانيات اللوجستية والبشرية المتاحة للعثور على المفقودين وإنقاذ أي شخص قد يكون بحاجة للمساعدة العاجلة.
عامل إقليم آسفي قام بزيارة تفقدية لمستشفى محمد الخامس للاطمئنان على حالة المصابين الذين نقلوا إثر الفيضانات، حيث أصدر تعليمات واضحة بتنفيذ تدابير استعجالية لدعم جميع المتضررين من هذه الكارثة الطبيعية. كما شملت التوجيهات الرسمية التكفل الكامل بمراسيم دفن الضحايا وتقديم المساعدات الضرورية للعائلات المنكوبة، إلى جانب اتخاذ إجراءات فورية للتخفيف من الآثار المدمرة التي خلفتها هذه المحنة على سكان المدينة.










