شهدت مدينة تنغير يوم السبت حدثاً ثقافياً واقتصادياً مهماً بافتتاح المعرض الجهوي للصناعة التقليدية الذي يعتبر من أبرز الفعاليات التي تهدف إلى تعزيز التراث الحرفي المغربي. هذه التظاهرة التي تستمر حتى الثاني من غشت تمثل فرصة ذهبية لإبراز ثراء الصناعة التقليدية المغربية وتنوعها الكبير.
المعرض الذي نظمته غرفة الصناعة التقليدية لجهة درعة تافيلالت يشهد مشاركة واسعة تضم 115 عارضاً يمثلون مختلف جهات وأقاليم المملكة. هذا التنوع الجغرافي في المشاركة يعكس الثراء الحرفي الذي تتميز به مختلف مناطق المغرب ويتيح للزوار فرصة اكتشاف تقاليد حرفية متنوعة من جميع أنحاء البلاد.
تم تنظيم هذه الدورة تحت شعار معبر وهادف هو “تعاونيات الصناعة التقليدية، قاطرة التنمية المجالية المندمجة”، مما يؤكد على الدور المحوري الذي تلعبه التعاونيات في تطوير القطاع الحرفي وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المناطق المختلفة.
حفل الافتتاح شهد حضوراً رسمياً مهماً يتقدمه عامل إقليم تنغير إسماعيل هيكل، بالإضافة إلى عدد من المنتخبين المحليين ومهنيي قطاع الصناعة التقليدية وشخصيات بارزة أخرى. هذا الحضور الرسمي يعكس الاهتمام الكبير الذي توليه السلطات المحلية والجهوية لتطوير قطاع الصناعة التقليدية ودعم الحرفيين.
التنظيم جاء بتعاون وثيق بين عدة جهات مؤسسية مهمة، حيث تم تنظيم المعرض تحت إشراف عمالة إقليم تنغير وبشراكة مع كتابة الدولة المكلفة بالصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني ومؤسسة دار الصانع. هذا التعاون متعدد الأطراف يضمن تحقيق أهداف المعرض بشكل أكثر فعالية وشمولية.
أهداف هذه التظاهرة متعددة الأبعاد وتشمل تثمين منتوجات الصناعة التقليدية المحلية والجهوية، وهو أمر ضروري للحفاظ على هذا التراث الثقافي والاقتصادي المهم. كما تهدف إلى تحفيز التعاونيات والصناع التقليديين على الابتكار والتطوير، مما يساعد في تحديث الحرف التقليدية دون فقدان طابعها الأصيل.
التسويق والانفتاح على الأسواق يمثلان هدفاً أساسياً آخر للمعرض، حيث يتيح للحرفيين فرصة التعرف على احتياجات السوق والتفاعل مباشرة مع المستهلكين والمهتمين بمنتجاتهم. هذا التفاعل المباشر يساعد الحرفيين في تطوير منتجاتهم وتحسين جودتها لتلبية متطلبات الأسواق المحلية والدولية.
المساحة المخصصة للمعرض تزيد عن 2800 متر مربع، مما يوفر مجالاً واسعاً لعرض المنتجات المختلفة بشكل مناسب. هذه المساحة الكبيرة تم توزيعها على 115 رواقاً مخصصاً لمنتجات الصناعة التقليدية والمنتجات المجالية، مما يتيح للزوار تجربة شاملة ومتنوعة.
التصميم المدروس للمعرض يشمل فضاء مخصصاً للورشات حيث يمكن للزوار مشاهدة الحرف المميزة للجهة وهي تُمارس أمامهم، مما يضيف بعداً تعليمياً وثقافياً مهماً للحدث. كما يضم المعرض قطباً مخصصاً للجهات وآخر للشركاء المؤسساتيين، مما يعزز من الطابع التشاركي للفعالية.
القاعة متعددة الاستعمالات تمثل إضافة مهمة للمعرض حيث تستضيف الندوات والعروض والأنشطة الفنية المختلفة. هذا التنوع في الأنشطة يجعل المعرض أكثر من مجرد عرض للمنتجات، بل منصة شاملة للتعلم والتبادل الثقافي والمعرفي.
رئيس الغرفة الجهوية للصناعة التقليدية عبد الجبار لعوان أكد في كلمته على الدور الحيوي لهذه التظاهرات في النهوض بالصناعة التقليدية. هذا التأكيد يعكس الوعي بأهمية هذا القطاع كرافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، خاصة في المناطق التي تعتمد بشكل كبير على الأنشطة الحرفية.
اختيار التعاونيات كموضوع محوري لهذه الدورة يأتي تقديراً للدور البارز الذي تلعبه في تحقيق التنمية الشاملة والمندمجة. التعاونيات تمثل نموذجاً ناجحاً للاقتصاد الاجتماعي والتضامني، حيث تجمع بين تحقيق الربح والتأثير الاجتماعي الإيجابي.
البرنامج الثقافي والعلمي للمعرض يتضمن ندوات علمية حول مواضيع مهمة تشمل دور الاقتصاد الاجتماعي والتضامني في التنمية المجالية. هذه الندوات توفر منصة لتبادل الخبرات والمعرفة بين المختصين والممارسين في هذا المجال.
كما يشمل البرنامج مناقشة إنجازات وتحديات القطاع التعاوني بالجهة، مما يساعد في تقييم الوضع الحالي ووضع استراتيجيات للتطوير المستقبلي. بالإضافة إلى ذلك، ستتم مناقشة مساهمة الجماعات الترابية في تنشيط الاقتصاد وتشجيع الاستثمار.
اللقاءات التواصلية والتحسيسية المخصصة للصناع التقليديين تغطي مواضيع عملية مهمة مثل السجل الوطني للصناع التقليديين ومزايا بطاقة الصانع. هذه اللقاءات تهدف إلى رفع مستوى الوعي بين الحرفيين حول الخدمات والحقوق المتاحة لهم.
موضوع التغطية الصحية الإجبارية يحتل أهمية خاصة في هذه اللقاءات، حيث يعتبر الحصول على تغطية صحية مناسبة تحدياً كبيراً للعديد من الحرفيين والعاملين في القطاع غير المنظم. كما تتضمن الأنشطة ورشات في مجال التصميم وتطوير المنتوجات التقليدية، مما يساعد الحرفيين في تحديث منتجاتهم والحفاظ على قدرتها التنافسية.