في إطار مواكبته لمشاريع الإصلاح الكبرى، قدم المجلس الوطني لحقوق الإنسان مذكرة شاملة تضم أكثر من 100 توصية بخصوص مشروع القانون رقم 03.23 المتعلق بتعديل وتتميم قانون المسطرة الجنائية رقم 22.01. تأتي هذه الخطوة في سياق تعزيز ضمانات العدالة الجنائية وترسيخ دولة الحق والقانون، وفقًا لبلاغ صادر عن المجلس.
مرجعية متعددة الأبعاد
وأوضح المجلس أن هذه المذكرة ترتكز على مرجعية مندمجة تشمل مقتضيات الدستور المغربي، والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، والمبادئ الدولية لحقوق الإنسان، وتوصيات آليات الأمم المتحدة، خاصة المبادئ التوجيهية لمنديز وتوصيات الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، بالإضافة إلى الاجتهادات القضائية الفضلى.
بنية التوصيات
المذكرة تنقسم إلى 79 توصية خاصة تتعلق بمضامين مشروع القانون، و24 توصية عامة تمس الجوانب الهيكلية والاستراتيجية التي لم يشملها النص القانوني، لكنها ضرورية لضمان مواءمته مع المقتضيات الدستورية والمعايير الدولية.
ومن بين 42 توصية محورية، قُسّمت المقترحات إلى أربعة محاور رئيسية:
-
تكريس دولة القانون والعدالة
-
ضمانات المحاكمة العادلة
-
المساواة والتوازن بين المتقاضين
-
إدماج الفئات الهشة
أبرز التوصيات
في ما يتعلق بتكريس دولة القانون، يقترح المجلس إمكانية الاستماع للمشتبه فيه دون اللجوء تلقائيًا إلى الحراسة النظرية، مع ضمان حق الدفاع وإبلاغ الموقوف بشكل فوري بمدة الحراسة وظروف تنفيذها. كما يدعو إلى إتاحة الطعن أمام هيئة قضائية مستقلة، بما يعزز الشفافية والمراقبة القضائية المزدوجة.
أما بخصوص ضمانات المحاكمة العادلة، فتوصي المذكرة بالسماح للمشتبه فيه بالتواصل مع محاميه فور اعتقاله، وتقليص مدة الحراسة النظرية، واعتماد التوثيق السمعي البصري كآلية إضافية لضمان الحقوق وتعزيز الشفافية.
وفي محور المساواة، يشدد المجلس على ضرورة تحقيق التوازن بين الأطراف أمام العدالة، مع التأكيد على أهمية إدماج الفئات الهشة، وعلى رأسها النساء ضحايا العنف، وذوو الإعاقة، والأطفال، والمهاجرون.
موقف رئيسة المجلس
من جهتها، اعتبرت أمينة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن المرحلة الحالية تعكس التزام المجلس بتطوير مسطرة جنائية تحترم روح الدستور وتضمن الحريات والحقوق. وأكدت أن “المسطرة الجنائية ليست مجرد أداة إجرائية، بل تعكس تصور المجتمع للعدالة”، داعية إلى موازنة تدخل الدولة مع احترام الحقوق.
وأكدت بوعياش أن المجلس يطمح إلى إحداث نقلة نوعية في المنظومة القانونية والمؤسساتية، بما يضمن استمرارية المكتسبات الحقوقية.