كلما مرّ الوقت، إلا وازداد تآكل شبكة الدول الداعمة لأطروحة الانفصال التي يروّج لها البوليساريو، بدعم مباشر من الجزائر. بعد أن كانت تملك حضوراً في أكثر من قارة، لم تعد “الجمهورية الوهمية” تحظى اليوم سوى بتأييد محدود لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة في أمريكا الجنوبية. آخر هذه الدول – وربما الأكثر رمزية – هي البرازيل، التي أعلنت ضمنيًا مراجعة موقفها التقليدي تجاه النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية.
البرازيل، المعروفة تاريخياً بدعمها لحق الشعوب في تقرير مصيرها، أدركت حقيقة النزاع، بعد سنوات من التضليل، واصطفت تدريجياً إلى جانب الموقف المغربي، خاصة في ظل تزايد اعترافات المجتمع الدولي بمبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب سنة 2007 كحل واقعي وعادل.
المفاجأة لم تكن فقط في الموقف، بل في الجهة التي اتخذته: الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، الزعيم اليساري المعروف بقربه من الجزائر ودفاعه عن قضايا “التحرر”. إلا أن خيبة أمله كانت واضحة بعدما اتضح له أن ملف البوليساريو فقد مصداقيته، خاصة بعد تأييد قوى دولية كبرى مثل الولايات المتحدة، فرنسا، إسبانيا وألمانيا لمقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.
هذا التحول لا يُعد إلا نتيجة لفشل متكرر للدبلوماسية الجزائرية والبوليساريو في إقناع المنتظم الدولي، واعتمادها أساليب فرض الأمر الواقع والمواجهات داخل المنتديات الدولية، في محاولة يائسة لفرض تمثيل غير شرعي.
الرهان الجزائري على ورقة البوليساريو لتقويض استقرار المغرب تراجع بشكل كبير. المشروع الانفصالي، المفبرك، لم يصمد أمام منطق التاريخ، وبدأ يتفكك تحت ضغط الحقائق والوقائع على الأرض.
الحقيقة تسود في النهاية، والمغرب يثق تماماً في عدالة قضيته، وفي أن العالم بات يفهم جيداً من الطرف المعتدي ومن الطرف المتشبث بالسلم والتنمية.