ونحن نحتفل بذكرى عيد الشباب السعيد نستحضر العناية الخاصة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس لفئة الشباب ،فملكنا الحكيم مافتئ يؤكد عبر مجموعة من الخطب والرسائل الملكية على وضع الشباب في صلب النموذج التنموي الجديد ، فجلالة الملك خلال الخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى الخامسة والستين لثورة الملك والشعب سنة 2018 دعا الحكومة لوضع استراتيجية جديدة مندمجة للشباب تأخذ بعين الإعتبار خصوصيات الجهوية المتقدمة كما تنص الفقرة الأخيرة للفصل الأول من الدستور باعتبار التنظيم الترابي للمملكة يقوم على الجهوية المتقدمة ، فجلالة الملك أرسى أوراش هيكيلة للشباب ،فعلى سبيل المثال في مجال التكوين المهني وبدء من سنة 2018 ترأس جلالة الملك أربع جلسات عمل بعد خطاب ثورة الملك والشعب لنفس السنة تم عبرها بلورة جيل جديد من التكوين المهني عنوانه البارز التلاقح بين التكوين النظري والتطبيقي ،من خلال منصات مدن المهن والكفاءات بكل جهة ، بوعاء مالي يقدر بأربعة ونصف مليار درهم ،وصلنا حاليا لسبع مدن تم افتتاحها ،وباقي مدن المهن والكفاءات وصلت لمحطاتها الأخير على مستوى التشييد ، والتي ستستقطب تدريجيا أزيد من 34 ألف طالبا وطالبة خلال كل موسم تكويني ، أهمية هذه المدن للمهن والكفاءات هو تركيزها على خصوصيات كل جهة ،فمثلا في الجنوب الشرقي سيتم التركيز على منصات تحاكي مميزات الجهة ،من فندق بيداغوجي ،منصات للسياحة والطاقات المتجددة ،مزارع بيداغوجية ،في حين جهات الشمال مثلا سيتم التركيز على المؤهلات الصناعية وصناعات الطائرات والسيارات ، وهنا تكمن أهمية هذا الورش الملكي الكبير ، من الأوراش الملكية الإستراتيجية المرتبطة بالشباب نجد المبادرة الوطنية للتنمية البشرية الورش الملكي الذي وضع أسسه جلالة الملك يوم الثامن عشر من شهر ماي سنة 2005 ، هذا الورش الإجتماعي الطموح الذي نصل لمرحلته الثالثة ،فبعد المرحلة الأولى التأسيسية التي اهتمت بتقليص مؤسرات الفقر والهشاشة بالوسطين القروي والحضري ،انتقلنا للمرحلة الثانية المهتمة بتعزيز البنيات التحتية وخدمات القرب الإجتماعي خصوصا في العالم القروي ، لنصل لختام المرحلة الثالثة التي ركزت على تعزيز المكتسبات ،لكن المميز فيها هو تخصيصها محورا ثالثا لإدماج الشباب وتحفيز التشغيل الذاتي ،فخلال المرحلة الثالثة تم دعم 4700 مشروعا تعاونيا شبابيا في إطار الإقتصاد التضامني والتعاوني ،كما ساهمت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في إحداث ودعم أزيد من 11500 مقاولة شبابية ، أما المنصات الإقليمية للشباب المئة و الثلاثين فقد أطرت وقامت بتوجيه ومواكبة أويد من 380 ألف شابة وشاب ، من خلال هذه الأرقام يتضح المجهود الجبار لهذا الورش الملكي وعنايته الخاصة بالشباب ، من التجارب الإقليمية الناجحة وطنيا نجد تجربة إقليم تطوان التي اعتمدت اللجنة الإقليمية للتنمية البشرية بتطوان مقاربة تشاركية فريدة ،عملت عبرها على وضع تصور سنوي بدء بمسار تشاركي مع مختلف جمعيات المجتمع المدني بتلاقح من المنصة الإقليمية للشباب ،وصولا إلى توطين مشاريع اجتماعية هيكلية بمناطق قروية بتطوان ، تهم مختلف الشرائح لدعم تشغيل النساء وكذلك تشجيع الجمعيات المهتمة بذوي الهمم ،لذلك أعتبر تجربة تطوان رائدة في مجال تنزيل السياسات العمومية الإجتماعية المبادرة الوطنية للتنمية البشرية حيث أبدع خلالها رئيس اللجنة الإقليمية للتنمية البشرية بتطوان عبد الرزاق المنصوري بمقارباته التواصلية وحسه التشاركي الذي يدمج الشباب .
من الأوراش الملكية الإستراتيجية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله لفئة الشباب اهتمامه جلالته بالبعد الرياضي ،باعتبار الرياضة دبلوماسية ناعمة له وهم عالمي خصوصا كرة القدم ،ونحن على أعتاب المحفل العالمي كأس العالم مع أشقائنا الإسبان والبرتغاليين ،فكما قال جلالة الملك سيكون كأس العالم 2030 فريدا من نوعه تاريخيا لكونه سيجمع قارة أفريقيا بأوروبا ،وسيجمع ضفتي البحر الأبيض المتوسط ، هذا الإنجاز التاريخي الرياضي كان بفضل الدبلوماسية الملكية الإستراتيجية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس الذي مافتئ يؤكد على أهمية النهوض بالقطاع الرياضي ،فجلالة الملك وضع خارطة طريق واضحة المعالم عبر الرسالة الملكية الإستراتيجية في أكتوبر من سنة 2008 بمدينة الصخيرات ،الرسالة الملكية كانت الأساس الذي وصلت به كرة القدم للثمار الحالية ، فبعدها تأسست أكاديمية محمد السادس لكرة القدم التي أعطتنا نجوم من طينة نايف أكرد ويوسف النصيري الذين ساهموا في الإعجاز الكروي المونديالي بقطر سنة 2022، فالشباب كما قال جلالة الملك في خطاب العرش لسنة 2023 كلما توفرت له الظروف وتسلح بالجدية والمسؤولية فسيحقق نتائج مبهرة ، من نتائج مناظرة الصخيرات نلامسها حاليا عبر بداية تحويل الأندية المغربية من جمعيات إلى صنف الشركات الرياضية .
من الأوراش الملكية الإستراتيجية كذلك البنيات التحتية الضخمة التي تساير طموحات الشباب من مراكز سوسيو-رياضية وسوسيو-ثقافية ،وملاعب القرب وملاعب من الطراز العالمي ،دون نسيان المسابح الأولمبية ،ومراكز تقوية قدرات الشابات والشباب بالوسط القروي،كما أن جلالة الملك يولي عملية خاصة للمجال الثقافي والفني خصوصا لدى الشباب عبر توفير فضاءات كبيرة لتشجيع الطاقات الشبابية الفنية بمختلف تمظهراته.
جلالة الملك محمد السادس حفظه الله أعطى كذلك توجيهاته السامية خلال خطاب العرش المجيد لهذه السنة لوضع جيل جديد من المشاريع الترابية المندمجة بالوسط القروي والمناطق الجبلية ، هذا مايؤكد على عناية جلالته بشباب تلك المناطق لتحفيز دينامية الشغل والرعاية الصحية بها ،دون نسيان أهمية تعزيز توطين الخدمات الإجتماعية الأساسية بها ،فخطاب العرش المجيد خطاب البعد المجالي بامتياز لبلوغ طموح قائد الدولة الأمة بسير جميع الجهات بسرعة واحدة واستثمار المكتسبات الإقتصادية والدينامية الصناعية ليكون لها أثر أكثر نجاعة في البعد المجالي ،وبلوغ طموح العدالة المجالية .
ختاما كشاب و فاعل مدني أفتخر أشد الإفتخار بالعناية الخاصة التي يوليها قائد الدولة الأمة لشريحة الشباب في شتى المجالات ، وأتمنى على غرار كافة الشباب أن يتم إخراج المؤسسة الدستورية المهتمة بالشباب المتمثلة في المجلس الإستشاري للشباب والعمل الجمعوي المنصوص عليه في الفصول 33,170 و171 وتم ترجمته لقانون تنظيمي رقم 89.15 ، أعتقد بأن هذه المؤسسة الدستورية المهمة سيكون لها الأثر العميق جدا في الرفع من نسب مشاركة الشباب في العمل المدني التي لا تتعدى حاليا %15 ،وكذا تحدي مشاركة الشباب السياسية التي لم تتجاوز %3 ، كما أن هذه المؤسسة سيكون لها مكاتب جهوية مما سيعزز رؤية البعد الترابي التي أكد عليها خطاب العرش المجيد.
رضوان جخا ،فاعل مدني مهتم بالسياسات العمومية المرتبطة بالشباب